المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

156

فرفعنا الستر فإذا بيتٌ كبير كأنّ بحراً فيه، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنّه على الماء وفوقه رجل من أحسن الناس هيئةً قائمٌ يصلّي(1)، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد الله(2) ليتخطّى البيت فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتّى مددتُ يدي إليه فخلّصته وأخرجتُه، وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، وبقيتُ مبهوتاً.

فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك، فوالله ما علمتُ كيف الخبر ولا إلى من أجيء، وأنا تائب إلى الله، فما التفت إلى شيء ممّا قلنا، وما انفتل عمّا كان فيه(3)، فهالنا ذلك وانصرفنا عنه وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدّم إلى الحجّاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أيّ وقت كان(4).

 


(1) أقول: إنّ الرجل الذي كان يصلّي على الحصير المفروش على الماء: إن كان هو الحجّة (عجّل الله فرجه) فإمّا أن تفسّر كلمة «الرجل» بمعنى الذكر في مقابل الاُنثى، أو يحمل على أنّه(عليه السلام) تراءى بالإعجاز بهيئة الرجل كما أنّ أصل فرش الحصير على ما يُرى بحراً كان إعجازاً.

(2) وهو أحد الثلاثة، أو قل أحد رفيقي رشيق صاحب المادراي.

(3) أي: لم يترك(عليه السلام) صلاته.

(4) أي: كان قد أمر الحجّاب أن لا يمنعونا من الدخول عليه في أيّ وقت وصلْنا إليه.