المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

134

فقلت لحجّاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل؟ فقالوا: هذا رجل من العلويّة يقال له: الحسن بن عليّ يعرف بابن الرضا. فازددت تعجّباً، فلم أزل يومي ذلك قلقاً متفكّراً في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتّى كان الليل، وكانت عادته أن يصلّي العتمة ثمّ يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرة وما يرفعه إلى السلطان.

فلمّا نظر وجلس جئت فجلست بين يديه، فقال: يا أحمد، ألك حاجة؟ قلت: نعم يا أبة، إن أذنت سألتك عنها. فقال: قد أذنت لك يا بنيّ فقل ما أحببت. فقلت: يا أبة، من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والإكرام والتبجيل وفدّيته بنفسك وأبويك؟ فقال: يا بنيّ، ذلك ابن الرضا، ذاك إمام الرافضة. فسكت ساعة فقال: يا بنيّ، لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العبّاس ما استحقّها أحد من بني هاشم غير هذا، فإنّ هذا يستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميع أخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه لرأيت رجلاً جليلاً نبيلاً خيّراً فاضلاً(1).

فازددتُ قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي ممّا سمعت منه فيه، ولم يكن لي همّة بعد ذلك إلّا السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت


(1) انظر إلى اعتراف من هو في معسكر الأعداء بفضلهم(عليهم السلام).