المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

6

مناقشة السيد الخوئي:

وقد أورد على ذلك السيد الخوئي رحمه الله بعدم إمكان التعدّي من باب القضاء إلى سائر الأبواب؛ لأنّ في القضاء خصوصية ضرورة فصل الخصومة، فلعلّه لذلك جعلت البيّنة فيه حجة، وهذا بخلاف سائر الموارد، ولذا ترى أنّ اليمين جعل حجة في باب القضاء في حين أنّه لم يجعل حجة في سائر الموارد (1).

ردّ الشهيد الصدر:

وقد أورد على ذلك أستاذنا الشهيد رحمه الله: بأنّه صحيح أنّه لابّد في باب القضاء من فصل المرافعة ولكن كان بالإمكان فصل المرافعة بالحجية المطابقة لقول المنكر ولو كانت أصلاً، فحينما قدّمت الشريعة بيّنة المدّعي في باب القضاء على حجية المنكر فهذا دليل على أنّ البيّنة أقوى من حجية المنكر، فتأتي عندئذٍ فكرة التعدّي إلى غير باب القضاء بالبيان الماضي.

وأمّا الحكم باليمين فهو في واقعه ليس بمعنى جعل اليمين هو الحجة لإثبات الواقع، بل الحجية هي اليد أو الأصل المطابق لقول المنكر، ولذا يجوز للشخص الثالث الخارج من المرافعة ترتيب الأثر على ذاك الأصل بغضّ النظر عن يمين المنكر، وإنّما اليمين فرض موضوعاً شرعاً لحكم القاضي وفق حجة المنكر بنكتة المرافعة الموجودة في المقام، فادّعاء المدّعي رغم أنّه خلاف حجة المنكر شكّل مانعاً عن حكم القاضي وفق حجة المنكر، وجُعل الرافع لهذا المانع شرعاً هو يمين المنكر. وهذا بخلاف الحال في بيّنة المدّعي؛ فإنّ المدّعي تكون دعواه خلاف الحجة أساساً، فالقضاء وفق دعوى المدّعي بسبب البيّنة يعني جعل البيّنة حجة لإثبات الواقع في باب القضاء، وإنّها حجة أقوى من حجة المنكر، فهنا تأتي فكرة التعّدي إلى غير باب القضاء بالبيان الذي مضى عن المحقّق الهمداني رحمه الله، هذا مضافاً إلى أنّ حجية البيّنة في باب القضاء لاتختص بالمرافعات حتى يقال: إنّه لعلّها كانت لأجل خصم النزاع، بل تشمل موارد القضاء بالحدود أيضاً من قبيل حدّ شرب الخمر الذي لا خصومة فيه (2).


(1) التنقيح 1: 208.
(2) بحوث في شرح العروة 2: 78 ـ 80.