المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

19

أقول: قد مضى في روايات التقليد حديث صحيح السند عن يونس بن يعقوب قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال « أما لكم من مفزع ؟. أما لكم من مستراح تستريحون إليه ؟. ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النضري ؟. » (1)، فإن استظهرنا من هذا الحديث أنّ كلّ ما ينقله الثقة ممّا لو اعتمدنا عليه لاسترحنا إليه في فهم ديننا كان لنا حجة ومفزعاً.

إذن فالصحيح ما فهمه السيد الحكيم رحمه الله من أنّ كلّ خبر ثقة ينتهي إلى فهم الحكم الكلّي الإلهي يكون حجة، ومن هذا القبيل: الإخبار عن وثاقة الرواة، ومن هذا القبيل: الإخبار عن فقاهة الفقيه الذي يراد تقليده؛ فإنّه لو كان الإخبار صحيحاً لكانت فتاواه مدركاً لفهم الأحكام الفقهية الكلّية.

إذن فالظاهر صحة الاعتماد على خبر الثقة الواحد من أهل الخبرة بفقاهة الشخص على أساس الطريق الثاني أو الثالث.

وفي الختام نشير الى مسألتين:

المسألة الاُولى: لو وقع التعارض بين البينة وخبر الواحد ـ بناء على الإيمان بحجية خبر الواحد في المقام بأحد الوجوه المتقدّمة ـ فلا يبعد القول بأنّ دليل حجية خبر الواحد يسقط في المقام؛ لتعارض فردين من موضوع هذا الدليل، ولكن دليل حجية البيّنة يبقى على إطلاقه؛ لأنّ دليل حجية خبر الواحد لو كان لفظياً فهو يبتلى بالتعارض الداخلي والإجمال، فهو يعجز عن معارضة إطلاق دليل حجية البيّنة بناء على وجود إطلاق لفظي فيه.

المسألة الثانية: إذا كان مجتهدان لايمكن تحصيل العلم بأعلمية أحدهما ولا البينة ولا أيّ دليل آخر فيخيّر في تقليد أيّ منهما حتى لو حصل الظنّ بأعلمية أحدهما فلا يتعيّن تقليده.


(1) الوسائل 18: 105، ب 11 من صفات القاضي، ح 24. وفي بعض المصادر بدل «النضري» «النصري».