المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية

18

والصحيح: أنّ مقياس الرجوع إلى أهل الخبرة الذي لايشترط فيه التعدّد إن كان هو مجرّد أنّ الشيء الفلاني ممّا لايفهمه كلّ واحد وإنّما يفهمه ذوو الاختصاص فانطباق هذا المقياس على المقام واضح؛ لأنّ معرفة الفقاهة لاتكون إلا من قِبل ذوي الاختصاص، وليس من قِبل عامة الناس.

وإن كان هو ذلك زائداً الابتلاء العام بذلك بحيث لو كلّف كلّ أحد الفحص بنفسه لدرك الحقيقة لاختلّت حياتهم فالظاهر أنّ هذا أيضاً منطبق على المقام بعد الأخذ بعين الاعتبار جوّ المتشرّعة بالخصوص؛ فإنّ حاجتهم إلى التقليد وإلى معرفة الفقيه حاجة عامة.

الطريق الثالث: دعوى أنّ خبر الواحد إذا كان في الموضوعات ولكن كان ينتهي إلى الحصول على الحكم الكلّي الإلهي ولو بالملازمة والحدس فهو كخبر الواحد في الأحكام يكون حجة؛ وذلك من قبيل خبر الواحد بوثاقة الراوي المنتهي إلى إثبات الحكم الكلّي الفقهي ببركة النص الذي يرويه ذاك الثقة، وإلا فجميع أخبار الآحاد في باب الأحكام من هذا القبيل؛ فإنّها تشتمل على نقل كلام الإمام، وليس هذا إلا نقلاً للموضوع الذي يستنبط منه بالملازمة والحدس حكم الله تعالى، وكذلك الحال في نقل الفقاهة المنتهي بالملازمة إلى فهم الحكم العام الذي يعطيه ذاك الفقيه. وهذا الطريق بهذا الطرز من البيان الذي ذكرناه مأخوذ من السيد الحكيم رحمه الله في المستمسك (1).

وأورد عليه اُستاذنا الشهيد ـ رضوان الله تعالى عليه: « بأنّ دليل حجية الخبر في الشبهات الحكمية لم يدلّ على حجية الإخبار عن الحكم الكلّي بهذا العنوان ليبذل الجهد في إرجاع بعض الأخبار في الموضوعات إلى الخبر عن الحكم الكلّي بالإلتزام، وإنّما دلّ الدليل المتحصَّل من السنّة المتواترة إجمالاً على مضمون مثل قوله « العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك عنّي فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطع؛ فإنّهما الثقتان المأمونان » (2)، فموضوع الحجية هو الخبر الذي يعتبر أداءً عن الإمام، وهذا ينطبق على خبر زرارة دون خبر العادل عن الاجتهاد. ومن أجل ذلك قلنا في موضعه من كتاب الخمس: أنّ أخبار التحليل قد يقال بشمول الدليل المذكور على الحجية لها وإن حملت على التحليل المالكي؛ لأنّها وإن لم تكن إخباراً عن الحكم الكلّي، ولكنّها أداءٌ عن الإمام، فيشملها موضوع الحجية في ذلك الدليل » (3)، انتهى.


(1) المستمسك 1: 39. ط 4، مطبعة الآداب النجف..
(2) الوسائل 27: 138، ب 11 من صفات القاضي، ح..
(3) شرح العروة الوثقى. السيد محمد باقر الصدر. 2: 84 ـ 85.