المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / الأعلمية وأثرها في التقليد

22

الظاهر أنّ هذا المبنى غير صحيح، وتوضيح ذلك: أنّه كما لا يجوز للعامي التقليد في أصل التقليد كذلك لا يجوز له أن يقلِّد في خصوصيات التقليد إلا من يكون داخلاً في القدر المتيقّن أو أن يتخذ ما أجمع على صحته تمام الأطراف المحتملة، ومن هنا تُخُيِّل أنّ المستند في البقاء على تقليد الميت يجب أن يكون هو أعلم الأحياء؛ وذلك بتخيّل أنّ الحيّ هو المتيقّن من جواز التقليد، إذ يحتمل شرط الحياة في التقليد ولا يحتمل شرط الموت، في حين أنّ الواقع هو أنه لو كان الميت أعلم من أعلم الأحياء مثلاً لم يكن هناك متيقّن بينهما؛ لأنه كما يحتمل تعيّن الحيّ للتقليد لأنه حي كذلك يحتمل تعيّن الميت للتقليد ولو بقاء؛ لأنه أعلم من الحيّ، فلو اتفق أعلم الأحياء مع الميت على شيء في مسألة البقاء صح للعامي الأخذ بذلك الشيء، ولو قطع العامي بشيء في ذلك حسب فهمه أو حسب كلام من أورث الوثوق في نفسه أيضاً صح له أن يعمل به، وإلا فليس رأي الحيّ متيقّن الحجية.

قد تقول: إنّ المتيقّن موجود في المقام، وهو رأي الحيّ؛ لأنّ الأعلمية ليست شرطاً للتقليد في ذاته، وإنّما يُسقِط رأي الأعلم رأي غيره بالتعارض، في حين أنّه يحتمل كون الحياة شرطاً للتقليد في ذاته. إذن فرأي الحي حجة في ذاته، ولم يثبت له معارض؛ لعدم معلومية حجية رأي الميت إلا بإفتاء نفس الحيّ بحجية رأي الميت ولو بقاءً.

والجواب: أنّه من هو الذي جزم بأنّ الأعلمية ليست شرطاً للتقليد في ذاته وجزم أو احتمل أنّ الحياة شرط في التقليد وعرف أنّه في هكذا حالة يصبح ما يعلم بحجيته في ذاته مع احتمال سقوطه بالمعارض مقدّماً على ذاك المعارض المشكوك حجيته في ذاته ؟