المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

24

2 ً ـ وأمّا الوجه الثالث: والذي كان عبارة عن اكتشاف الفرق بين باب الفتوى وباب الرواية؛ لأنّ المفتي يقصد إعطاء النتيجة النهائية والراوي يعطي نص الرواية وليس له شأن بوجود مخصّص أو مقيّد أو حاكم أو نحو ذلك في رواية اُخرى بالنسبة لتلك الرواية، فهذا الكلام لا يبعد أن يكون صحيحاً في روحه إلا أنّه يرجع إلى أنّه بما أنّ طبع الشريعة كان عبارة عن فصل المتصلات وتأخير القرائن من مخصّص أو مقيّد أو حاكم أو نحو ذلك، فلهذا يجب على الفقيه الذي تصل إليه الرواية أن يفحص عن المخصّص والمقيّد والحاكم ونحوها حتى بعد فرض انحلال علمه الإجمالي بالمخصّصات والمقيّدات وغير ذلك؛ لأنّ حجية الظهور إنّما هي أمر عقلائي، والعقلاء يخصّصون ذلك بفرض الفحص عن القرينة المنفصلة بالنسبة لمتكلّم كان دأبه الاعتماد على القرائن المنفصلة.

ولكن الفقيه المفتي ليس حاله كذلك، بل هو يعطي النتيجة النهائية، فلا معنى لوجوب الفحص عن مخصّص لفتواه أو مقيّد له.

أمّا وجود المعارض فإن كان هذا أيضاً من شأن الإمام (عليه السلام) كما يقال بذلك في الأخبار الصادرة تقية فالكلام نفس الكلام، أي إنّنا إذا رأينا رواية موافقة للعامة واحتملنا وجود معارض لها مخالف للعامة لا يمكن أن نجري بالنسبة للاُولى أصالة الجهة قبل الفحص عن المعارض حتى مع فرض انحلال علمنا الإجمالي؛ لأنّ من شأن الإمام (عليه السلام) ذلك.

أمّا فرض التعارض بمعنى صدور نصين متخالفين بلا سبب التقية فهذا ليس من شأن الإمام (عليه السلام) ويكون حال الراوي في إعطاء النص من هذه الزاوية كحال المفتي في إعطاء الفتوى، ومع الغضّ عن العلم الإجمالي لايجب الفحص عن المعارض في الرواية أيضاً كما في الفتوى.