المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

22

وممّا يؤيّد فهم التخيير في باب التقليد ـ وإن شئت فاجعله وجهاً رابعاً في المقام ـ أنّه لا ينبغي الشك في فرض عدم العلم التفصيلي ولا الإجمالي بالتنافي بين الفتاوى أنّ المفهوم عرفاً من دليل التقليد ليس إلا الأخذ بفتوى فقيه واحد من دون لزوم الفحص عن المعارض لها من سائر الفتاوى، في حين أنّه لو كان مقتضى دليل التقليد الشمولية في الحجية لكان احتمال التنافي كافياً في عدم إمكان الأخذ بالإطلاق؛ لأنّ التنافي الواقعي بين الفتويين كافٍ في وقوع التعارض الداخلي في إطلاق دليل الحجية، والتعارض الداخلي يخلق الإجمال، فاحتمال التنافي معناه احتمال الإجمال، ومع احتمال الإجمال لا معنى للتمسك بالإطلاق، وحتى لوبنينا على أنّ التعارض بين الأحكام الظاهرية فرع وصولها فالمقصود بالوصول إنّما هو معرضية الوصول لا الوصول الفعلي.

قد تقول: أنّ الوجه في حجية الفتوى لدى عدم العلم بالمعارض هو استصحاب عدم المعارض بناء على أنّ الاستصحاب في الشبهات الموضوعية غير مشروط بالفحص، ولكن هذا الوجه لو تمّ لا يؤثّر في المقام فإننّا قلنا: إنّ المفهوم العرفي من دليل التقليد حجية الفتوى رغم احتمال وجود المعارض، والاستصحاب لو جرى فهو أصل تعبّدي، ولا يكفي تفسيراً لهذا الفهم العرفي.

ردّ تلك الوجوه ومناقشتها:

إلا أنّ هذه الوجوه كلّها قابلة للمناقشة:

1 ً ـ أمّا المؤيد الأخير وهو وضوح عدم الفحص عن الفتوى المعارض لولا العلم بالمعارضة تفصيلاً أو إجمالاً فليس وجهه منحصراً في فهم الحجية التخييرية حتى لدى العلم بالمعارضة، بل له وجه عرفي غير هذا وهو أنّ دليل حجية شيء ما ممّا يحكي عن الواقع إن لم يكن مقيّداً بفرض العجز عن معرفة الواقع يدلّ لامحالة على التأمين عن احتمال مخالفته للواقع حتى الاحتمال قبل الفحص وبغضّ النظر عن علم إجمالي منجّز.