المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد/حقيقة التقليد وحالاته

16

وأمّا التفسير الثاني: وهو افتراض حجيتين مشروطتين كما كان يقال في باب الوجوب التخييري بوجوبين مشروطين، فإن قصد بذلك حجية كلّ من الفتويين على تقدير عدم الأخذ بالآخر فهذا يعني أنّه لو تركهما معاً أصبحا معاً حجة عليه، وهذا خلف مقصود القائل بالتخيير.

ولكن هذا التفسير أيضاً يمكن تصحيحه بصورة معقولة في المقام؛ وذلك بأن يجعل الشرط في حجية كلّ واحدة من الفتويين هو الأخذ بها، لا عدم الأخذ بالآخر، ولا يتفق عقلائياً الأخذ بكليهما حتى يلزم من ذلك الجمع بين الحجتين، وهذا يعني أنّ أيّ فتوى أخذ بها المقلِّد أصبحت هي الحجة له.

مناقشة:

قد يقال: إنّ بإمكان المقلِّد ترك الأخذ بهما معاً، فتسقطان عن الحجية نهائياً، فينجو من التخيير.

ولكن الجواب: إنّ الأخذ واجب عليه وجوباً طريقياً، أي إنّ الواقع منجز عليه مسبقاً إمّا بالعلم الإجمالي بالأحكام أو بالاحتمال قبل الفحص أو بإنكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو بنفس دليل وجوب الأخذ لو ورد عليه دليل لفظي، ولا يخرج من عهدة هذا التكليف إلا بالاحتياط أو الاستنباط أو التقليد الذي توقّف حسب الفرض في المقام على الأخذ.

ويترتّب على هذا التفسير للحجية جواز إسناد الحكم الذي ثبت له من بين الفتويين بالأخذ إلى الشريعة بناء على قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي في جواز الإسناد؛ لأنه أصبحت تلك الفتوى بخصوصيتها حجة له. وربّما يسمى هذا بالتخيير الاُصولي.

بيان معنى الأخذ من الفقيه:

أمّا ما معنى الأخذ الذي ربطت به حجية الفتوى؟ بعد وضوح أنّه لايمكن أن يكون المقصود بالأخذ هنا هو العمل؛ لأنّ تقيّد الحجية بالعمل لا معنى له.

ويمكن أن يذكر في المقام للأخذ أحد معنيين: