المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

46

ولهذا كان من المحتوم أن يتوقّف العمل السياسي والعسكري الواضح الصريح مدّةً من الزمن؛ لكي تسترجع قيادة الإمام علي (عليه السلام) ثقة الجماهير بها، وإيمانها، واعتقادها بأنّ هذه القيادة لا تدافع عن مكاسب شخصيّة وعن مصالح قَبَليّة، وإنّما تدافع عن اُطروحة الله في الأرض، تدافع عن رسالة السماء، كان لابدّ أن تعيَ الجماهير هذا، الجماهير التي لم تكن تعي إلّا على مستوى الحسّ لابدّ أن تعيش على مستوى الحسّ الاُطروحة المقابلة.

وهكذا كان، وخلال المدّة التي حكم فيها معاوية بن أبي سفيان تكشّف فيها اُطروحة معاوية، أو اُطروحة هذه الجاهليّة التي تزعّمها معاوية بن أبي سفيان، حتّى أنّه في يوم مات فيه معاوية بن أبي سفيان، حينما صعد الضحّاك على المنبر لينعى للمسلمين خليفتهم وكان يزيد مسافراً، أو حينما صعد يزيد نفسه على المنبر يعلن نبأ وفاة أبيه، لم يستطع ـ لا الضحّاك، ولا يزيد نفسه ـ أن يمدح معاوية بكلمة واحدة، قال: «إنّ معاوية مات، ذهب هو وعمله».

معاوية بن أبي سفيان فَقَد كلّ رصيده الروحي، وكلّ المبرّرات الاصطناعيّة التي كان يحاول تزريقها في نفوس المسلمين، حتّى إنّ وليّ عهده لم يستطع أن يترحّم عليه أو أن يشايع عهده بكلمةِ ثناء واحدة.