المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

145

أهالي الكوفة دعوةً للذهاب إليهم، وقد تهيّأت الظروف الموضوعيّة في الكوفة لكي أذهب، ولكي اُقيم حقّاً واُزيل باطلاً»(1).

فكان يعكس ويفسّر سفرته على أساس أنّها استجابة وأنّها ردّ فعل، وأنّها تعبير عن إجابةِ طلب، عن أنّ الاُمّة تحرّكت وأرادت،وأنّه قد تمّت الحجّة عليه، ولابدّ له أن يتحرّك.

الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن في واقعه يقتصر في مرحلته الجهاديّة هذه على أن تطلب منه الاُمّة فيتحرّك، وإلّا لما راسل ابتداءً زعماء قواعده الشعبيّة بالبصرة ويطلب منهم التحرّك، ولكنّه في نفس الوقت كان يعكس هذا الجانب أكثر ممّا يعكس ذلك الجانب؛ لأنّ هذا الجانب أقرب انسجاماً مع أخلاقيّة الهزيمة.

ماذا تقول أخلاقيّة الهزيمة أمام شخص يقول لها: «إنّي قد تلقّيت دعوة، وإنّ ظروف هذه الدعوة ملائمة للجواب والتحرّك نحو الداعي»؟!

وبطبيعة الحال هناك فرقٌ كبيرٌ بين إنسان يتحرّك تحرّكاً ابتدائيّاً وبين إنسان آخر يتحرّك إجابةً لجماهير آمنت به وبقيادته وزعامته:



(1) من قبيل قوله (عليه السلام) للطرماح بن عدي الطائي: «إنّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قولٌ لسنا نقدر معه على الانصراف». تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:406 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.