المولفات

المؤلفات > أحكام المقبوض بالعقد الفاسد

9

وتبيّن أيضاً: أنّ عكس القاعدة لو تمّ فإنّما يتمّ في حدود صدق إهدار المالك حرمة مال نفسه بإقدامه على إقباض المال مجّاناً ومن غير عوض، وذلك كما في الهبة المجّانيّة لو كانت باطلة، كالهبة إذا وقعت بإنشاء عقد التمليك المجّاني باللغة الفارسيّة مع فرض شرط العربيّة، أو التمليك المجّاني للصبيّ مع فرض شرط بلوغ القابل، أو العارية غير المضمونة في صحيحها، كما في عارية غير الذهب والفضّة، أو غير مشروطة الضمان، فلو بطلت عاريته لعدم بلوغ المستعير مثلاً فقد يُقال بتماميّة قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده»، ولو صحّ هذا الكلام فلا بدّ أن يُشترط فيه علم المُعير بكون العارية غير مضمونة، أو ـ على الأقلّ ـ قصده لعدم الضمان، وإلا لم يصدر منه إهدارٌ لحرمة ماله. وكذا الحال في عقد الرهن والمضاربة والوكالة ونحو ذلك.

وقد يشكّك في صحّة عكس القاعدة، وذلك بأن يُقال: إنّ معنی قاعدة «ما يضمن» هو أنّ المالك الذي أقبض ماله على أساس ضمان المسمّى لم يُهدر حرمة ماله، وأنّ من لم يهدر حرمة ماله فماله مضمون له بقاعدة اليد أو بأيّ دليل آخر، أمّا الذي أقبض ماله لا على أساس ضمان فهل هذا معناه إهدار حرمة ماله بقول مطلق أو معناه إهدار حرمة ماله إهداراً مقيّداً بما كان يتخيّله من صحّة المعاملة، وفرض تخيّله لتحقّق القيد خارجاً ليس معناه الإطلاق؟ فبعدما يطّلع على عدم تحقّق القيد ـ أي على عدم صحّة المعاملة ـ قد يُقال: إنّ له أن يُداعي بضمان ماله.

والخلاصة: أنّ مجرّد تخيّله لضمان المسمّى كان كافياً لعدم الإهدار، ولكن مجرّد تخيّله لعدم الضمان الشرعيّ ليس كافياً لإطلاق الإهدار.

وعليه، فلكي نرى هل هناك دليل على عكس القاعدة أيضاً أو لا؟