المولفات

المؤلفات > عدم جريان المعاطاة في النكاح

9

ولكن من الواضح أنّ هذه الآية إنّما هي بصدد بيان حرمة أقسام النساء المحرّمات وتحليل غيرهنّ، فإطلاقها الحكميّ إنّما يتمّ في دائرة أقسام النساء، لا في دائرة أنواع كيفيّة النكاح.

نعم، هنا أيضاً نقول: لو كانت المعاطاة في النكاح أمراً عقلائيّاً لتمّ الإطلاق المقامي للآية في المقام، ولكن قد وضّحنا عدم عقلائيّته.

وهنا ينبغي إلفات النظر إلى نكتة، وهي أنّ عدم ثبوت السيرة والارتكاز العقلائيين على صحّة المعاطاة في النكاح كافٍ في كسر الإطلاق المقامي؛ لأنّ عدم سيرة أو ارتكاز من هذا القبيل يكفي في عدم تورّط الاُمّة في الخطأ من جرّاء عدم ذكر القيد في مثل الأمر بالنكاح، فلا حاجة إلى كون المولى في مقام دفع التوهّم، ولكن ذلك لا يكفي لكسر الإطلاق الحكميّ، بل لابدّ من ثبوت السيرة أو الارتكاز على عدم صحّة المعاطاة كي ينكسر بذلك الإطلاق، وقد وضّحنا ثبوت السيرة والارتكاز على ذلك.

وأمّا السنّة: فهي الروايات الكثيرة الواردة في فضل النكاح والتي تجاوزت حدّ الإحصاء، من قبيل:

صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه ‏السلام) قال: «إنّ رسول الله (صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله ‏و سلم) قال: تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الاُمم غداً يوم القيامة حتّى أن السقط يجيء محبنطئاً على باب الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة فيقول: لا حتّى يدخل أبواي الجنّة قبلي»(1).

ومن قبيل روايات فضل المتعة(2).

إلا أنّ كلّ أمر ورد في السنّة بالنكاح أو المتعة تأتي فيه النكتة التي شرحناها آنفاً في الآيات من عدم تماميّة الإطلاق الحكميّ فيه.

نعم، لو كانت السيرة العقلائيّة والارتكاز العقلائيّ جاريين في المعاطاة في النكاح لتمّ لها الإطلاق المقامي، وقد عرفت عدم جريانهما فيه، بل هما على العكس.

وأمّا المقام الثالث: وهي الروايات الخاصّة في المقام التي يمكن الاستدلال بها على بطلان المعاطاة في النكاح، ويمكن الاستدلال ببعضها على صحّة المعاطاة فيه:

فنحن نبحث أوّلاً روايات البطلان، وبعد ذلك نشير إلى رواية الصحّة وجوابها:


(1) الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الوسائل، مؤسّسة آل البيت ـ قم، ط. / 1426 هـ، 20: 104، ب. من مقدّمات النكاح، ح 2.
(2) راجع: الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الوسائل، 21: 13 ــ 17، ب. من المتعة.