المولفات

المؤلفات > عدم جريان المعاطاة في النكاح

3

أمّا لو كان بصدد الاستدلال على بطلان المعاطاة في النكاح إطلاقاً وردت عليه النكتة التي أشار إليها السيّد الإمام الخميني (رحمه‏ الله) من أنّ المقصود بالمعاطاة ليس خصوص تعاطي العينين، بل كلّ فعل دلّ على قصد العقد، «فلو تقاول الزوجان وقصدا الزواج ثمّ أنشأته المرأة بذهابها إلى بيت المرء بجهازها مثلاً وقبل المرء ذلك بتمكينها في البيت لذلك تحقّقت الزوجيّة المعاطاتيّة»(1).

وقد ذهب الشيخ الإصفهانيّ (رحمه‏ الله) إلى أنّه لولا التسالم والإجماع لكان مقتضى القاعدة صحّة المعاطاة في النكاح ولو بالوطء؛ لأنّه فعلٌ يصلح أن يكون حاكياً عن إرادة العقد أو منشئاً له، كما يصلح أيضاً أن يكون حاكياً عن الفسخ أو منشئاً للفسخ فيما إذا باع أمته وكان له الخيار ففسخ العقد بالفعل(2).

والسيّد الإمام الخميني (رحمه‏ الله) أيضاً قرّب أوّلاً: كون مقتضى القاعدة صحّة النكاح بالمعاطاة ولو بالوطء، فإنّ ذلك لا يستوجب إزالة الفارق بين الزنا والنكاح، فالزنا هو الوطء من دون إنشاء الزوجيّة بهذا العمل، والنكاح هو الوطء مع إنشاء الزوجيّة به، فتوهّم أنّ الفعل فيه ملازم لضدّه وهو الزنا والسفاح غير صحيح(3).

ولكنّه ذكر بعد ذلك: «نعم، ما يمكن أن يقال في المقام: إنّ الوطء ليس من الأسباب العرفيّة والعقلائيّة للزّواج، وما قلنا من أنّ القاعدة تقتضي أن تجري المعاطاة في مطلق المعاملات ليس المراد منه أنّ كلّ فعل أو إشارة ونحوها يمكن أن يكون سبباً، بل لابدّ في الأسباب أن تكون عقلائيّة، ففي مثل الوصيّة للعتق بعد الموت أو التمليك بعده وإن أمكن إفهامها بالإشارة ونحوها لكن ليس مثل تلك الأفعال أسباباً عقلائيّة»(4).

أقول: هذا الكلام لا يخلو من شَبَه بما نقلناه عن السيّد الشاهروديّ (رحمه‏ الله)، ولو عمّمناه أمكن إرجاعه إلى ذلك.

ثمّ هناك بحث آخر دار الخلاف فيه بين الشيخ الإصفهانيّ والسيّد الإمام الخميني، وهو أنّه لو وافقنا على صحّة عقد النكاح بالوطء، فهل الوطء الأوّل يكون حراماً؛ لأنّه زنى وإن اُنشئ به عقد الزواج، أو يكون جائزاً؟

فذكر الشيخ الإصفهانيّ أنّ هذا الوطء قارن عقد النكاح فلا موجب لحرمته(5).

ولكنّ السيّد الإمام الخميني ذكر أنّ الوطء الأوّل زنى حتّى ولو آمنّا بحصول العقد به، وذكر في تقريب ذلك تعبيرين:


(1) الخميني، روح الله، البيع، 1: 267 ـ 268.
(2) الإصفهاني، محمّد حسين، حاشية المكاسب، مكتبة بصيرتي، 1: 46، وكذلك، مطبعة سلمان الفارسي، 1: 186.
(3) إشارة إلى ما هو المنقول عن الشيخ النائينيّ في كتاب منية الطالب للشيخ موسى النجفيّ الخونساريّ، 1: 189 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.
(4) راجع: الخميني، روح الله، كتاب البيع، 1: 268.
(5) الإصفهاني، محمّد حسين، حاشية المكاسب 1: 46، مطبعة سلمان الفارسي، 1: 187.