المولفات

المؤلفات > بحث في أحكام الاحتكار

9

وذكر السيّد الخوئيّ في التنقيح على ذكر الرواية الاُولى رَفَضها بضعف السند فقال: «مع الحاجة يحرم الاحتكار ولو في أقلّ من ثلاثة أيّام، ومع عدم الحاجة

لا مانع من الاحتكار ولو في أزيد من أربعين يوماً» وقال: «ولا مانع من حملرواية السكونيّ على صورة مظنّة الحاجة بدعوى أنّ الحاجة في الخصب في أزيد من الثلاثة وفي الغلاء في أقلّ من أربعين يوماً، كما حكي عن الشهيد وإن كان الحمل في حدّ نفسه بعيداً»(1).

أقول: ويمكن حمله على أنّ ذكر ثلاثة أيّام وأربعين يوم كان من باب المثال، وأنّه إشارة إلى مقياس عدد الأيّام التي ينتهي إلى ترك الاُمّة بلا طعام.

وعلى أيّ حال فبعد سقوط سندها لا قيمة لها، فالنتيجة هي ما أفاده السيّد الخوئيّ (رحمه الله) من أنّه مع عدم الحاجة لوجود الباذلين لا يحرم الاحتكار ولو في أكثر من أربعين، ومع الحاجة يحرم الاحتكار ولو في أقلّ من ثلاثة أيّام؛ وذلك تمسّكاً بالإطلاقات.

وأمّا الرواية الثانية: وهي رواية المجالس عن أبيمريم، فقد قال السيّد الخوئيّ (رحمه الله) بشأنها: «الظاهر أنّها رواية أخلاقيّة غير مربوطة بالكراهة أو الحرمة في الاحتكار؛ لأنّ الطعام إذا لم يكن هناك باذل فلا يفرّق في الحرمة بين الأربعين والثلاثين يوماً، وإن كان له باذل فلا يفرّق في جواز حبسه بين الأربعين والثلاثين. إذن، فالظاهر أنّ حبس الطعام بقصد الغلاء للمسلمين وازدياد قيمته يكشف عن خبث سريرة ذلك المحتكر... فلو رفع يده عن ذلك قبل الأربعين غفر الله له ذلك، وإلا فهو معاقب بحسب الأخلاق. هذا بحسب الدلالة. وأمّا بحسب السند فهي ضعيفة»(2).

ولعلّ مقصوده (رحمه الله) أنّ هذه الرواية لم تشتمل على كون أربعين يوماً مقياساً لحرمة الحكر، وإنّما دلّت على عدم كون بيعه بعد ذلك والتصدّق بثمنه كفّارة لما صنع، وهذا يناسب كون الرواية أخلاقيّة بحتة.

وعلى أيّ حال فهذه الرواية أيضاً غير تامّة السند.

2 ـ ما يتحقق به الاحتكار من شراء أو غيره

قال الشيخ الاعظم (رحمه الله): مقتضى ظاهر صحيحة الحلبيّ المتقدّمة [يعني القائلة: إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل](3)في بادئ النظر حصر الاحتكار في شراء الطعام، لكنّ الأقوى التعميم....


(1) الخـوئي، أبـو القـاسم، التنقيـح. ضمن موسوعـة الإمـام الخوئيّ. 37: 514. ولا يخفى أنّ السيّد الخوئيّ (عليه ‏السلام) قد اعتقد في معجم رجاله بوثاقة النوفليّ؛ لأنّه من الرواة الواردين في تفسير عليّ بن إبراهيم. راجع: الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث 3:. )، ولا أدري هل عدل عنه كما عدل عن القول بوثاقة كلّ من ورد في أسانيد كامل الزيارات، أو لا؟
(2) الخوئي، أبو القاسم، التنقيح:. ضمن موسوعة الإمام الخوئيّ. 37: 511.
(3) الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الوسائل 17: 427، ب 28 من آداب التجارة، ح 1.