المولفات

المؤلفات > المعاطاة وأثرها المعاملي

2

المحور الأول: الأدلّة الدالّة على كون المعاطاة بيعاً

ولكن مع هذا لابدّ من الالتفات التفصيلي إلى الوجوه التي يمكن أن يستدلّ بها على المقصود؛ فإنّ مجرّد كون الارتكاز العقلائيّ مساعداً للأمر لا يكفي للإفتاء الشرعيّ بذلك. والوجوه التي بنينا على الإشارة إليها ما يلي:

الوجه الأول: قوله تعالى:﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾(3)؛ إذ لا إشكال في أنّ المعاطاة بيع عند العرف، فتشملها هذه الآية المباركة.

ولا فرق في ذلك بين أن نفترض أنّ الحلّ هنا حلّ وضعيّ، والمقصود بالبيع هو السبب، فالآية تدلّ مباشرة على صحّة البيع المعاطاتيّ بالإطلاق.

أو نفترض أنّ الحلّ هنا حلّ تكليفيّ يتعلّق بالمسبّب، أي إنّ الآية تحلّل الأكل والتصرّف في المبيع، فتدلّ بالملازمة على صحّة البيع، وتشمل بالإطلاق حلّيّة الأكل والتصرّف في البيع المعاطاتيّ.

الوجه الثاني: قوله تعالى:﴿إلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاض مِّنكُمْ﴾(4)؛ إذ لا شكّ أنّ البيع المعاطاتيّ عن تراض تجارة عند العرف، فتشمله الآية الكريمة.

الوجه الثالث: قوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾(5)؛ بناءً على ما استظهره السيّد الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ من أنّ المقصود بالعقد على ما هو المتبادر عرفاً تبادل الإضافتين الاعتباريّتين، فالإضافة الاعتباريّة كأنّها هي الحبل وتبادل الإضافتين هو العقدة، كما في قوله تعالى:﴿وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾(6)، وقوله تعالى:﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾(7).

قال (رحمه‏ الله): «إنّ العرف يساعد على هذا المعنى وليس ما يقال من أنّ العقد هو العهد الموثّق»(8).


(3) البقرة: 275 .
(4) النساء: 29 .
(5) المائدة: 1 .
(6) البقرة: 235 .
(7) البقرة: 237 .
(8) راجع: الخميني، روح الله، كتاب البيع، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، مطبعة العروج ـ قم، ط. / 1420 هـ، 1: 102 ـ 103.