المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

7

إنّ من له ملكة الاستنباط هل يجوز له ترك الاستنباط واستبدال ذلك بتقليد من استنبط فعلاً، أو لا ؟

لو لاحظنا الروايات مع غضّ النظر عن فرض تأثير الارتكاز عليها سلباً أو إيجاباً فثبوت الإطلاق في أكثرها لفرض تقليد من له ملكة الاستنباط وعدم محاولته الاستنباط بالفعل مشكل، أو منتفٍ، ما عدا التوقيع: « فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا »، وهذا التوقيع بغضّ النظر عن فرض تأثير الارتكاز لا بأس بفرض إطلاقه لمن له ملكة الاستنباط.

أمّا لو لاحظنا الارتكاز فقد يقال: إن الارتكاز إنّما وقع على رجوع الجاهل إلى العالم، وواجد الملكة ليس جاهلاً، بل هو عالم لدى العرف، فكيف يرجع إلى عالم آخر بالتقليد ؟. فلو فرضنا شخصاً مستنبطاً بالفعل قد كتب رسالته العملية وكان بالفعل ناسياً لبعض فتاواه أفهل يقال: إنّ هذا الرجل جاهل، وأنّه يجوز له التقليد فيما نسيه مع ترك مراجعة رسالته العملية بلا عذر ؟. أوليس ما نحن فيه شبيهاً بهذا؟ !

والواقع أنّنا لسنا أمام نص عبّر بتعبير رجوع الجاهل إلى العالم حتى نبحث عن أنّ واجد الملكة غير المستنبط بالفعل هل يسمّى جاهلاً أو عالماً؟ وإنّما نحن أمام الارتكاز، فالمهم أن نرى ـ بغضّ النظر عن التسميات ـ أنّ الارتكاز هل يساعد على رجوع من له ملكة الاستنباط إلى من هو مستنبط بالفعل أو لا؟ ولو فرض أنّ علينا معرفة أنّ صاحب الملكة هل هو عالم أو جاهل؟ فلعلّه من الواضح أنّ العالم اسم لمن له العلم الفعلي، وصاحب الملكة الذي لم يستنبط الحكم لا يزال يكون جاهلاً بالحكم، فلا يمكن أن نثبت عن هذا الطريق عدم جواز التقليد له، وإنّما المهم كما قلنا: إنّ الارتكاز القائل بالرجوع إلى أهل الخبرة هل يشمل هذا الشخص أو لا يشمله ؟

ولعلّه من نافلة القول أنّ البحث ينبغي أن يكون على مستوى الارتكاز العقلائي دون سيرة المتشرّعة؛ إذ لا دليل يكشف لنا تفاصيل سيرة المتشرّعة المعاصرة للمعصوم.

وعلى أيّة حال فقد يقال بثبوت الارتكاز على جواز التقليد له مادام غير مستنبط بالفعل؛ لأنّه يكون بالفعل جاهلاً، فهو داخل في مصاديق كبرى رجوع الجاهل إلى العالم.

كما قد يقال العكس: أي إنّ هذا الرجل خارج عن تحت هذه القاعدة قياساً له بالناسي يمكنه أن يراجع رسالته العملية الموضوعة في الرف كي يتذكر ما استنبطه لكنّه لا يراجع الرسالة ويصرّ على التقليد، أفليس هذه خلاف الارتكاز ؟. أوليس هذا مع ما نحن فيه سواء؟ !