المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

6

وقد يجاب عليها بأخصية روايات التقليد عنها، وبعدم كفاية الإطلاق للردع عن تلك السيرة أو الارتكاز المحكمين.

والواقع أنّ مفاد تلك الأدلّة هو النهي عن كون المعتمد ورأس الخيط الذي يكون بيد الإنسان غير العلم، وهذا أمر بديهي لا يشك فيه عاقل، ومن يدّعي جواز التقليد يدّعي اعتماده على العلم بجوازه، فهذا لا يردع عنه بأدلّة النهي عن العلم بغير العلم.

الدليل الثاني: ما دلّ على النهي عن التقليد من قبيل قوله تعالى:. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ. (1)، وقوله تعالى:. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ. (2).

مناقشة وردّ:

وأجيب على ذلك بكونها واردة في اُصول الدين (3).

ولكن بالإمكان أن يقال: إنّ التعليل في الآيتين علامة الإطلاق.

والواقع أنّ هذه الآيات قد وضّحت عدم تمامية موضوع التقليد المرتكز، الذي هو عبارة عن رجوع الجاهل إلى العالم؛ لأنّ آباءهم لا يعلمون شيئاً أو لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون.

ثمّ إنّ العامي الذي يلتجأ إلى التقليد: إمّا أن يعتمد على بعض المطالب الماضية، كالارتكاز العقلائي ممّا يورث له العلم، ولو لأجل الغفلة عن المناقشات التي يمكن أن تكون فيها أو عن احتمال الردع.

أو يعتمد على كلمات الفقهاء الذين أفتوا بجواز التقليد من باب إيراثها للعلم والاطمئنان له، لا من باب التعبّد.

المحور الثاني: تقليد من له ملكة الاستنباط:


(1) المائدة: 104.
(2) البقرة: 170.
(3) راجع: التنقيح (السيد الخوئي. 1: 90 ـ 91.