المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

731

أميل إليه حكّامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر، بينما هذا الكلام لم يوجد في المرفوعة، والذي يفهم العرف من هذا الكلام هو أنّه تكملة لنفس الترجيح بمخالفة العامّة،

فهذه مرتبة من المخالفة سكت عنها في المرفوعة، فكأنّ نفس هذا المرجّح له مراتب، فمقتضى القاعدة تقييد سكوت المرفوعة بنطق المقبولة.

 

الجهة الثالثة: في نسبة المقبولة والمرفوعة إلى رواية الراوندي:

والكلام تارةً يقع في نسبة المقبولة إليها، واُخرى في نسبة المرفوعة إليها:

أمّا النسبة بين رواية الرواندي والمقبولة فنقول: إنّ المرجّحين الموجودين في رواية الراوندي وهما موافقة الكتاب ومخالفة العامّة موجودان في المقبولة، فإن قلنا: إن الترجيح بالصفات في المقبولة للحاكم، وإنّ الشهرة لتمييز الحجّة عن اللاحجّة، إذن فمرجّحات المقبولة هي نفس مرجّحات رواية الرواندي، فإن استفيدت الطولية من المقبولة بين موافقة الكتاب ومخالفة العامّة فهو، وإلاّ أخذنا الطولية من رواية الراوندي، لأنّ غاية ما يفترض في المقبولة هي عدم دلالتها على الطولية لا دلالتها على عدم الطولية، ونقدّم ذكر المقبولة لاختلاف مراتب الترجيح بمخالفة العامّة على سكوت رواية الراوندي عن ذلك.

وإن قلنا: إنّ المقبولة قد دلّت على الترجيح بالشهرة ولم نصرف الشهرة إلى تمييز الحجّة عن اللاحجّة كان مقتضى القاعدة تقييد رواية الراوندي بالمقبولة، فتصل النوبة إلى مرجّحات رواية الراوندي بعد الشهرة.

وإن قلنا: إنّ المقبولة دلّت على الترجيح بالصفات أيضاً، ولم نصرفها إلى ترجيح أحد الحكمين قيّدت رواية الراوندي بلحاظ الصفات أيضاً.

إلاّ أنّه يقع الكلام في أنّ هذا التقييد هل هو ممكن أو ليس بممكن، لأنّه غالباً يختلف الراويان شيئاً ما في الصفات، فيلزم التقييد بالفرد النادر؟

قد يقال بالتفصيل بين ما لو بنينا على المبنى الصحيح من أنّ الأحكام الظاهرية التي هي في مرتبة واحدة تتعارض بنفس وجوداتها الواقعية، وما لو بنينا على المبنى المشهور من أنّ تعارضها يكون بالوصول، فعلى الأوّل يلزم من تقييد رواية الراوندي التخصيص بالفرد النادر؛ لندرة عدم التفاضل في الصفات، خصوصاً إذا حملنا الصفات المذكورة في الرواية على المثالية. وعلى الثاني لا يلزم التخصيص بالفرد النادر؛ لأنّنا نقيّد المقبولة عندئذ بصورة عدم معرفة التفاضل، لا عدم التفاضل واقعاً، وغالباً نحن غير مطّلعين على التفاضل.