المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

715

والجمع في هذه الرواية بين التعبير، بمخالفة العامّة والتعبير بموافقة أخبارهم قد يؤيّد أنّ المقصود من موافقة أخبارهم موافقة فتاواهم ووضعهم.

وهذه الرواية ـ أيضاً ـ اقتصرت على المرجّح الثاني، وتقيّد برواية الراوندي.

ومنها: مرسلة الطبرسي عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله (عليه السلام)«قلت: يرد علينا حديثان: واحد يأمرنا بالأخذ به والآخرينها نا عنه، قال: لا تعمل بواحد منهما حتّى تلقى صاحبك، فتسأله، قلت: لا بدّ أن نعمل بواحد منهما، قال: خذ بما فيه خلاف العامّة»(1).

وهذه الرواية فيها جنبتان:

1 ـ جعل المرجّحات في طول ضرورة العمل بواحد منهما، وهذا الشرط لم يكن موجوداً في رواية الراوندي، فلو فرض تمامية سندها، وغضّ النظر عن إرسالها قيّدنا رواية الراوندي بها، إلاّ أنّها مختصّة بصورة التمكّن من لقاء الإمام، ففي خصوص هذه الصورة تقيّد رواية الراوندي بهذا الشرط.

2 ـ الاقتصار على المرجّح الثاني، فتقيّد برواية الراوندي المشتملة على المرجّح الأوّل.

وعلى أيّ حال، فالرواية ساقطة سنداً.

ومنها: رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «ما سمعته منّي يشبه قول الناس فيه التقية، وما سمعت منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيه فيه»(2).

فهذه الرواية قد تجعل كالروايات السابقة دالّة على الترجيح بمخالفة العامّة، فتقيّد ـ أيضاً ـ برواية الراوندي المشتملة على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفته.

إلاّ أنّ الصحيح، أنّ هذه الرواية وردت في طبيعي الخبر، لا في الخبرين المتعارضين، فلو عملنا بهذه الرواية فقد يكون معناها أنّ كلّ ما وافق العامّة سقط عن الحجّيّة.

ولكن يمكن أن يقال: إنّه فرق بين التعبير بموافقة فتوى القوم والتعبير بأنّه يشبه قول الناس، فمعنى الشبه بقولهم هو أن يكون الكلام بنفس الأساليب والاستدلالات الموجودة في كلامهم من الخرافات والقياس والاستحسان ونحو ذلك، ولا بأس بجعل ذلك قرينة نوعية على التقيّة، ولعلّها قرينة عقلائية لا تحتاج إلى دلالة رواية عليها.

ومنها: مرسلة الطبرسي روي عنهم(عليهم السلام) أنّهم قالوا: «إذا اختلفت أحاديثنا عليكم


(1) نفس المصدر: ح 42، ص 88، أو ص 122 بحسب اختلاف الطبعتين.

(2) نفس المصدر: ح 46، ص 88 أو ص 123 بحسب اختلاف الطبعتين.