المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

693

بأيّهما أخذت»(1).

وهذه الرواية لا تردعلى دلالتها شيء من المناقشات السابقة، إلاّ أنّها ـ أيضاً ـ ساقطة سنداً.

ومنها: مرفوعة زرارة التي رواها ابن أبي جمهور الأحسائي صاحب كتاب غوالي اللئالي عن العلاّمة الحلّي، رفعها إلى زرارة، وسوف يأتي نقل الرواية بعد ذلك ـ إن شاء الله ـ وفيها الترجيح بالشهرة، وبعد أن فرض الراوي أنّ كليهما مشهور جاء الترجيح بالأوثقية والأعدلية والأصدقية، وبعد التساوي يقول: خذ بما فيه الحائطة لدينك، وبعد افتراض كونهما معاً موافقين للاحتياط أو مخالفين له يقول: فتخيّر أحدهما، فتأخذ به وتدع الآخر(2).

وناقش السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ في دلالة هذه الرواية بأنّه افترض فيها أنّهما معاً مشهوران، والمقصود الشهرة الروائية لا الفتوائية، وبذلك تصبح الروايتان قطعيتي الصدور، فهما خارجتان عن محلّ الكلام، فإنّنا نتكلّم عن التخيير في المتعارضين غير قطعيي الصدور(3).

ويرد عليه: أنّه لا بدّ من تفسير الشهرة بمعنىً لا يوجب قطعية الصدور، وإلاّ لم يكن معنىً للترجيح ـ بعد فرض كون كليهما مشهورين ـ بالأوثقية والأعدلية والأصدقية.

وأمّا أنّه ما هي تلك الشهرة؟ فسوف يقع الحديث عن ذلك عندما ننقل نصّ الرواية في بحث المرجحات ـ إن شاء الله تعالىـ.

وعلى أيّ حال فالرواية ساقطة سنداً. وقد قالوا: لم توجد هذه الرواية في كتب العلاّمة التي بأيدينا(4)، وسواء وجدت في كتب العلاّمة أو لا كفاها كونها مرفوعة.

ثمّ الرواية أخصّ من المدّعى؛ إذ تعطي التخيير بعد فرض عدم كون الأخذ بأحدهما المعيّن هو مقتضى الاحتياط دون العكس، فتعارض روايات التخيير التي فرضت دلالتها على المدّعى، فهذه الرواية على خلاف المطلوب أدلّ.


(1)الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 40، ص 87 أو ج 27 ص 121 ـ 122 حسب اختلاف الطبعتين المشار إليهما.

(2) مستدرك الوسائل: ج 17، ب 9 من صفات القاضي، ح 2، ص 303 ورقم التسلسل العام للحديث. [413 21].

(3) مصباح الاُصول: الجزء 3، ص 423.

(4) راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 405.