المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

691

الحديث عن الحسين بن روح لم يثبت توثيقه، فإن كان الحميري(1) هو الذي يشهد بنفسه أن ما رآه من الكتاب كان جواباً للإمام (عليه السلام) صحّ السند. وأمّا لو كان افتراضه لكون هذا الجواب جواباً للإمام، ماخوذاً من نفس المكتوب وكلام النوبختي، أي كان هذا الافتراض في طول نقل الخبر عن النوبختي، فلا يبقى وثوق بسند الحديث، ويكفينا الإجمال.

ومنها: ما رواه الطبرسي في الاحتجاج مرسلا عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم فتردّه عليه»(2).

وقد أورد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ على الاستدلال بذلك بأنّ هذه الرواية لم يفرض فيها التعارض أبداً، واِنّما هي من روايات حجّيّة خبر الثقة(3).

ويرد عليه إن سلّمنا عدم ورودها في فرض التعارض، ولم نقبل ما سوف نشر اليه من فرض قرينة على إرادة صورة التعارض: أنّ دليل حجّيّة الخبر إذا كان بمثل لسان جعل المنجزية أو الطريقية أو إيجاب العمل فهو لا يشمل الخبرين المتعارضين، لعدم معقولية كون كليهما طريقاً وواجب العمل. وأمّا إذا كان بلسان جواز العمل كما في قوله في هذا الحديث: (موسّع عليك) فهو يشمل بإطلاقه المتعارضين؛ لأنّ جواز العمل بأحد المتعارضين لا ينافي جواز العمل بالأخر، وليس كالوجوب. ومن هنا نقول: إنّ حديث (للعوام أن يقلّدوه(4))


(1) بل أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود، راجع الوسائل: ج 20، ص 31. والعبارة مايلي: وروى جميع مسائل محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان (عليه السلام) عن جماعة، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود، قال: وجدت بخطّ أحمد بن إبراهيم النو بختي وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح، وذكر المسائل كما رواها الطبرسي.

أقول: لا يبعد ظهور العبارة في شهادة محمد بن أحمد بن داود بكون ذلك كلّه بإملاء أبي القاسم حسين بن روح. وقد ظهر بكلّ تعليقاتنا أنّ هذا الحديث هو أفضل ما يمكن الاستدلال به على التخيير في الخبرين المتعارضين.

هذا. ولا ينبغي الدغدغة في السند من ناحية عدم معرفة الجماعة المتوسّطة بين الشيخ الطوسي ومحمد بن أحمد بن داود، فإنّه بغضّ النظر عن إمكان حلّ الإشكال بحساب الاحتمالات نقول: أنّ أحد هؤلاء الجماعة هو الشيخ المفيد على ما يظهر من عبارة الشيخ (رحمه الله) في الفهرست في ترجمة محمد بن أحمد بن داود، فراجع.

(2) الوسائل: ج 18، ب 9 من أبواب صفات القاضي، ح 41، ص 87 ـ 88 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً وج 27 ص 122 بحسب طبعة آل البيت.

(3)مصباح الاُصول: ج 3، ص 424.

(4)الوسائل: ج 18، ب 10، من صفات القاضي، ح 20، ص 95 بحسب الطبعة ذات عشرين مجلّداً وج 27 ص 131 بحسب طبعة آل البيت.