المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

586

رأساً على شمول أفراد المدخول بجميع قيوده، فلا كلام في مثل ذلك.

وأمّا ما يكون من قبيل: (أكرم هؤلاء العشرة إلاّ زيداً) فطبعاً الإشكال الفني الذي كان يوجد في المقام والذي احتاج إلى الإجابة الفنية بتفسيرنا الفنّي بإبراز الدلالة التصوّرية الثالثة لا يوجد فيه، لأنّ أداة الاستثناء لها نظر إلى المستثنى منه، وهي حاكمة عليه، فلا إشكال في التخصيص فيه والاقتطاع من العامّ، إلاّ أنّ التفسير الفنّي الذي ذكرناه يأتي هنا في نفسه؛ لأنّه ليست هناك أداة عموم دخلت على مدخول يدّعى أنّ الاستثناء يكون من شؤونه، وإنّما الموجود هو كلمة (العشرة) وهي تدلّ دلالة تصوّرية على تمام العشرة، والاستثناء تدل دلالة تصوريّة على الاقتطاع، والحالة السياقية من المركّب منهما تدلّ دلالة تصوّرية على عشرة مقتطع منها زيد، فهي الدلالة التي تستقرّ في النفس، وتكون على طبقها الدلالة التصديقية الجدّية.

وأمّا مثل قولنا: (أكرم كلّ عالم إلاّ زيداً) فإنْ فرضت (إلاّ) بمعنى غير ووصفاً للعالم كان من قبيل قولنا: (أكرم كلّ عالم عادل) وإن فرضت أداة الاقتطاع والاستثناء كان من قبيل: (أكرم هؤلاء العشرة إلاّ زيداً) فإنّه وإن كان توجد هنا أداة عموم مع مدخولها، لكن ليست كلمة (إلاّ) من شؤون المدخول وقيوده، وإنّما هي اقتطاع من العموم.

الاتّجاه الثاني: هو الاتّجاه المشهور للأصحاب، وهو الاقتصار على ملاحظة دلالة العامّ ودلالة الخاصّ، وغضّ النظر عن دلالة تصوّرية جديدة نحن أبرزناها، وعندئذ يكون لتفسير سرّ باب التخصيص عدّة وجوه.

الوجه الأوّل: ما ارتضاه المحقّق النائيني (رحمه الله) وهو(1): أنّ أداة العموم تدل على العموم في طول الاطلاق ومقدمات الحكمة، أي: إنّ أداة العموم لا تدلّ على شمول أفراد مدلول المدخول، أي: مدلول (عالم) في قولنا: (أكرم كلّ عالم) مثلاً، وإنّما تدلّ على شمول أفراد المراد من المدخول التي تحدّد ولو بتعدّد الدالّ والمدلول من المدخول ومقدّمات الحكمة، فكلّ ما يمنع عن جريان مقدّمات الحكمة يكون وارداً على أداة العموم، ورافعاً للعموم بقدر رفعه لجريان مقدّمات الحكمة، فإذا قال: (أكرم كلّ عالم، ولا تكرم النحويين) فلا إشكال في أنّ قوله: (لا تكرم النحويين) يرفع موضوع مقدّمات الحكمة بمقدار النحويين، فهو يرفع


(1) راجع فوائد الاصول الجزء الاول والثاني ص518 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم وأجود التقريرات ج1 ـ ص450 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات السيد الخوئي (رحمه الله).