المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

72

محذوراً ـ وإن لم يستلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة ـ فهل ترتفع بهذا شبهة التخيير أو لا؟

فنقول: تارةً يفرض أنّ مدّعاه هو محذوريّة الترخيص القطعيّ في المخالفة، إذا كان ترخيصاً فعليّاً قطعيّاً، بمعنى أنـّه لا ضير في الترخيص القطعيّ في المخالفة مشروطاً بشرط غير معلوم الحصول، وعندئذ فشبهة التخيير وإن كانت ترتفع في مثل ما لو علم بحرمة أحد المائعين؛ إذ لو ترك كليهما يصير كلا الترخيصين فعليّاً لحصول شرطهما، لكن يمكن دعوى التخيير مع إضافة قيد آخر فيما لو فرض أطراف العلم الإجماليّ ثلاثة مثلاً، فإنّ من الممكن أن يقيّد الترخيص في كلّ واحد منهما بترك أحد الآخرين وفعل الآخر، فعندئذ لا يحصل في آن من الآنات القطع بالترخيص الفعليّ في المخالفة، فإنـّه لو ترك الجميع، أو فعل الجميع فلا ترخيص، ولو فعل بعضاً دون بعض كان هناك ترخيص في بعض دون بعض.

إن قلت: كيف يرتكب فعل الأوّل مع أنـّه لم يتحقّق شرط إباحته من فعل أحد الآخرين؟

قلت: أوّلاً: نفرض أنـّه عصى بارتكاب الأوّل، فيجوز له ارتكاب أحد الآخرين بشرط ترك الآخر.

وثانياً: أنـّنا نفرض كون الترخيص في كلّ واحد منها مشروطاً بترك أحد الآخرين، وفعل الآخر في مجموع عمود الزمان ولو متأخّراً، فإذا علم بأنـّه سوف يرتكب الثاني، ويترك الثالث، جاز له ارتكاب الأوّل.

وأتذكّر أنـّي أوردت هذا النقض على السيّد الاُستاذ حينما كنت أحضر بحثه، فلم يأتِ بشيء.

واُخرى يفرض أنّ مدّعاه هو محذوريّة الترخيص القطعيّ في المخالفة، وإن كان مشروطاً بشرط غير معلوم الحصول، فترتفع شبهة التخيير حتى في مثل فرض أطراف العلم الإجماليّ ثلاثة، لكنّ هذاينافي مبناه في باب الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه، حيث يقول هناك(1): إنّ الحكم الواقعيّ ثابت على حاله، وإنـّه يثبت بالاضطرار الترخيص في الوجود الأوّل فحسب، ويبقى العلم الإجماليّ منجّزاً بمقدار المخالفة القطعيّة.


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 250، والمصباح: ج 2، ص 389.