المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

604

فلابدّ لنا من الحديث عن عنوان عدم الإقدام المأخوذ في (لا ضرر) كي يتّضح ضمناً الكلام في الإقدام المأخوذ في العامّ مثلاً أو المحكوم.

4 ـ أنّ عدم الإقدام المأخوذ في (لا ضرر) يوجد فيه احتمالات ثلاثة:

الاحتمال الأوّل: أن يفرض أنّ المأخوذ في (لا ضرر) هو عدم الإقدام بمعنى العدم الثابت بغضّ النظر عن (لا ضرر)، ولو فرض ارتفاعه بـ(لا ضرر)، فموضوع وجوب الغسل ـ عندئذ ـ هو الإقدام الثابت بغضّ النظر عن (لا ضرر)، وعليه ففيما نحن فيه يجب الغسل؛ لأنّ الثابت بغضّ النظر عن (لا ضرر) هو الإقدام لا عدمه.

الاحتمال الثاني: أن يفرض أنّ الموضوع هو العدم الفعلي للإقدام، ولو كان ذلك العدم ناشئاً من نفس (لا ضرر)، وهذا محال لاستلزامه الدور، بأن يكون عدم الإقدام المتفرّع من (لا ضرر) موضوعاً للاضرار، وقد قلنا: إنّ الدور بنفسه محال.

الاحتمال الثالث: أن يفرض أنّ الموضوع هو ما يشمل العدم الناشىء من (لا ضرر)، لا بمعنى كون العدم الفعلي الناشىء من (لا ضرر) موضوعاً للإ ضرر حتّى يلزم الدور، بل بمعنى أنّ صدق قضية شرطيّة مُقدّمها ثبوت (لا ضرر) وتاليها عدم الإقدام يحقّق موضوع (لا ضرر)، وهذا لا يلزم منه الدور، فمثلاً لو فرض أنّ خلق اللّه تعالى للشيخ المفيد(رحمه الله)متوقّف على نصرة الشيخ المفيد للإسلام بالفعل كان هذا دوراً محالاً ولو فرض أن خلقه تعالى له متوقّف على قضية شرطيّة وهي: أنّه لو خلقه لنَصَر الإسلام، فهذا ليس محالاً. وهذا الاحتمال الثالث مساوق في النتيجة للاحتمال الثاني، إلّا أنّ الثاني محال، وهذا ليس بمحال، والعدم المأخوذ موضوعاً في (لا ضرر) بناءً على الثالث أعمّ من العدم المأخوذ موضوعاً فيه بناءً على الأوّل، فالإقدام المأخوذ موضوعاً في وجوب الغسل بناءً على الثالث أخصّ من الإقدام المأخوذ موضوعاً فيه على الأوّل، فإنّ نقيض الأعمّ أخصّ، ونقيض الأخصّ أعمّ، وعلى الأوّل عرفت أنّه يجب الغسل في المقام؛ لأنّ الثابت بغضّ النظر عن (لا ضرر) هو الإقدام. وأمّا على الثالث فتجري في المقام قاعدة (لا ضرر)؛ لأنّها إن جرت رفعت الإقدام.

إن قلت: سلّمنا عدم لزوم الدور في جانب عدم الإقدام، ولكنّ المفروض أنّه أخذ في موضوع وجوب الغسل الإقدام، فالدور في جانب الإقدام ثابت على حاله، فإنّ كون إجنابه عمداً إقداماً على الغسل فرع ترتّب وجوب الغسل على الإجناب، ووجوبه فرع الإقدام، فلزم الدور.

قلت: إن أخذنا بالاحتمال الثالث فمن الواضح عدم الدور في المقام؛ إذ على