المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

591


رسول، بل من المناسب ـ أيضاً ـ أن تكون القاعدة حكماً إلهيّاً يبيّن لولاة الأمر ما يقضون به كما قلناه بالنسبة للإضرار حيث قلنا: إنّ نفي الضرار بالمعنى الذي شرحه اُستاذنا الشهيد لا يمكن أن يكون في غالب الموارد أمره بيد الناس، بل يكون بيد الولاة، فإذا أدخلنا مورد الحديث في (لا ضرار) كما فعله اُستاذنا الشهيد، وكان (لا ضرار) حكماً ولائيّاً بالمعنى الذي شرحناه، كفى ذلك إشباعاً للمناسبة التي يقولها السيّد الإمام(رحمه الله).

وعليه فيحمل الحديث على ما هو ظاهره الابتدائي من كون (لا ضرر ولا ضرار) حكمين إلهيين مع فارق بينهما، وهو أنّ (لا ضرر) يكون تطبيقه بيد كلّ أحد و (ولا ضرار) يكون تطبيقه في غالب الحالات بيد وليّ الأمر، وبإعمال الولاية في تعيين كيفيّة علاج الضرار، وفي المورد كان الرسول(صلى الله عليه وآله) قد طبّقه بما هو وليّ على قلع الشجرة.

هذا كلّه بلحاظ حديث سمرة.

وأمّا بلحاظ حديث الشفعة وحديث (لا يمنع فضل ماء) فبما أنّ السيّد الإمام ـ رضوان اللّه عليه ـ يعتقد أنّ رواية (لا ضرر) فيهما لم تذكر كتطبيق على الموردين، بل ذلك جمع في الرواية لا في المرويّ، ولهذا لم يحاول إسراء نفس الفكرة التي ذكرها بلحاظ حديث سمرة الى هذين الحديثين، واكتفى بالقول بأنّ الحديث الصحيح سنداً الوحيد في المقام هو حديث سمرة، وهو ظاهر في الحكم الولائيّ؛ لما فيه من تطبيق (لا ضرر) على مورد قضاء الرسول(صلى الله عليه وآله)، ولكن بما أنّنا بنينا على أنّ الجمع في حديثي الشفعة و (لا يمنع) جمع في المرويّ لا في الرواية، فلذا يمكننا أن نقول بعد تسليم استظهار السيد الإمام(رحمه الله) في حديث سمرة: إنّ نفس الفكرة يمكن أن تطبّق على هذين الحديثين، فيقال: إنّ تطبيق «لا ضرر ولا ضرار» على موردي الشفعة ومنع فضل الماء دليل على أنّ ذلك حكم ولائي؛ لانّ حكم الرسول(صلى الله عليه وآله) في الموردين كان حكماً ولائيّاً بدليل التعبير عنه بالقضاء.

ونقطة الضعف التي أشرنا إليها في هذا البيان في رواية سمرة من أنّ القضاء في باب المرافعات يناسب تعليله بالحكم الإلهيّ، كما يناسب تعليله بالحكم ا لولائيّ لا تأتي هنا؛ لأنّ حكم الرسول(صلى الله عليه وآله) بالشفعة وبعدم منع فضل الماء لم يكن حكماً قضائيّاً في المرافعات، بل كان حكماً ولائيّاً، ولا يمكن تعليل الحكم الولائيّ بكبرى إلهيّة؛ لانّ تطبيق الحكم الإلهي عليه يعني كون المطبّق عليه حكماً إلهيّاً ولائيّاً.

ولكن توجد هنا نقطة ضعف اُخرى وهي أنّ التعبير بالقضاء كما يناسب كون حكمه (صلى الله عليه وآله)بالشفع وعدم منع فضل الماء حكماً ولائيّاً، كذلك يناسب كون حكمه (صلى الله عليه وآله) بذلك تطبيقاً لحكم إلهي، فإنّ الحكم وإن فرض إلهيّاً، ولكن حينما لا يكون انطباقه على المورد واضحاً، ويحكم الوليّ بانطباقه على المورد يصدق أنّ الوليّ قضى بانطباق الكبرى على المورد، والحديثان من