المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

590


ذلك.

أقول: إنّ مجموع هذا الكلام يستفاد منه في الحقيقة وجهان لحمل الحديث على الحكم الولائي:

أحدهما: أنّه لو حملناه على الحكم الإلهي لكان إشكال الشيخ الأنصاري مثبّتاً في المقام؛ لأنّ الكبرى لا تنطبق على المورد، وهذا بخلاف ما لو حملناه على الحكم الولائي.

أقول: لولا الحلّ الذي مضى من اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من تفسير خاصّ لكلمة (لا ضرار)، وبيان أنّ مستند الحكم في المقام هي كبرى (لا ضرار) دون كبرى (لا ضرر) فمجرّد حمل الكبرى على كونها حكماً ولائيّاً لا حكماً إلهيّاً لا يحلّ إشكال الشيخ الأنصاري، فإنّ الإشكال عبارة عن أنّ الضرر لم يكن آتياً من قبل بقاء الشجرة في بيت الأنصاري، وإنّما كان آتياً من قبل الدخول بلا استئذان، فـ(لا ضرر) لا ينفي حقّ بقاء الشجرة هناك، وهذا كما ترى لا يفرّق فيه بين فرض كون النهي عن الضرر نهياً إلهيّا أو نهياً ولائيّاً، فإنّ كان منطبقاً على المورد كان منطبقاً عليه في كلا الفرضين، وإن لم يكن منطبقاً عليه فهو غير منطبق في كلا الفرضين. واختلاف مصدر النهي بأن يكون هو اللّه، أو الرسول كيف يعقل تأثيره على انطباق النهي على المورد وعدمه؟!

فإن قلت: إنّه لو حملت الكبرى على الحكم الولائي كان تطبيقها على قلع الشجرة بمعنى أنّ سمرة بعد أن خالف الحكم الولائي بعدم الالتزام بالاستئذان جازاه الرسول (صلى الله عليه وآله) بولايته بقلع الشجرة.

قلت: هذا يعني أنّ ارتباط قلع الشجرة بالحكم الولائي المفهوم من (لا ضرر) هو ارتباط التعزير بمعصية الحكم الولائي، وهذا لو تمّ ولم يكن مخالفاً لظاهر تطبيق الحكم على قلع الشجرة لم يختلف الحال ـ أيضاً ـ بالنسبة له بين فرض النهي في (لا ضرر) ولائيّاً أو إلهيّاً، فإنّ التعزير لا يختصّ بمخالفة الحكم الولائي، بل يثبت في مخالفة الحكم الإلهي أيضاً.

إذن فإشكال الشيخ الأنصاري لا يكون قرينة بوجه من الوجوه على حمل الرواية على الحكم الولائي.

والوجه الآخر: هو أنّ تطبيق الكبرى على قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بقلع الشجرة يناسب كون الكبرى ـ أيضاً ـ من قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعنوان الحكم الولائيّ لا نهياً إلهيّاً.

أقول: أوّلاً: لم نفهم نكتة هذه المناسبة، فإنّ القضاء في باب المرافعات غالباً يكون مستنداً إلى أحكام إلهيّة، فتعليله بحكم ليس قرينة على كون ذاك الحكم حكماً ولائيّاً لا إلهيّاً.

وثانياً: بعد تسليم أنّ المناسبة تقتضي تعليل الحكم القضائي بالحكم الولائيّ لا بالحكم الإلهيّ نقول: إنّ هذه المناسبة لا تعيّن كون الحكم الولائيّ بالمعنى الذي قاله السيّد الإمام (رحمه الله)، وهو أن تكون نفس القاعدة حكماً أصدره الرسول (صلى الله عليه وآله) بما هو سلطان، لا حكماً بلّغه بما هو