المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

588


عبد فأعتق أحدهما نصيبه فقال: «إن كان مضارّاً كلّف أن يعتقه كلّه، وإلّا استسعى العبد في النصف الآخر»(1).

2 ـ ما ورد بسند تامّ عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبداللّة (عليه السلام): «رجل ورث غلاماً وله فيه شركاء فأعتق لوجه اللّه نصيبه»، فقال: «إذا أعتق نصيبه مضارّة وهو موسر ضمن للورثة، وإذا أعتق نصيبه لوجه اللّه كان الغلام قد اُعتق من حصّة من أعتق، ويستعملونه على قدر ما اُعتق منه له ولهم، فإن كان نصفه عمل لهم يوماً، وله يوماً وإن أعتق الشريك مضارّاً وهو معسر فلا عتق له؛ لأنّه أراد أن يفسد على القوم ويرجع القوم على حصصهم»(2).

والنسبة بين (لا ضرر) و (لا ضرار) عموم من وجه، فإن كان الحكم ضرريّاً على الغير، وقصد الشخص الإضرار به كان الحكم منفيّاً بكلا العنوانين.

وإن كان الحكم ضرريّاً، ولم يهدف الشخص الإضرار بالغير بل له هدف آخر، صدق الأوّل دون الثاني.

وإن لم يكن الحكم ضرريّاً، لكن تذرّع به الشخص للإضرار، كما في حقّ بقاء الشجرة في مكانها في قصّة سمرة، فهو لا ينتفي بـ(لا ضرر)، ولكنّه ينتفي بـ( ضرار)، إمّا بنكتة أخذ الحرمة في مفاد الضرار كما قاله اُستاذنا، فلا يكفي في نفيه نفي الجواز؛ لأنّ المفروض أنّ الشخص لا يأبى عن ارتكاب الحرام، أو بنكتة نفس أخذ عنوان التعمّد في مفاد الضرار؛ لأنّ هذا العنوان يوحي على الأقلّ الى عدم المبالاة بالحرمة، وهذا كاف في ظهور النصّ في نفي الحكم الذي يتذرّع به الشخص للإضرار، وإن كان ذاك الحكم بنفسه غير مضرّ.

ثمّ إنّه لا يبعد أن يكون نفي الضرار في كثير من الموارد حكماً ولائيّاً وسلطانيّاً، ولا أقصد بذلك ما ذكره السيّد الإمام(رحمه الله): من أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان في نفيه للضرر والضرار متقمّصاً قميص الولاية وحاكماً بحكم ولائيّ، بل أقصد بذلك أنّ نفي الضرار وإن فرض حكماً إلهيّاً فهو حكم إلهي ملقى في غالب الموارد الى أولياء الاُمور كي يطبّقوه في مورد الحاجة، لا الى الناس الاعتياديين مباشرة؛ وذلك لأنّ قلع مادّة الفساد بنفي أمر أو حقّ يتذرّع به المضارّ لو اُعطي بيد الناس لزم في بعض مستوياته الهرج والفوضى، كما هو الحال ـ أيضاً ـ في بعض موارد أو درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يفوق على مجرّد الأمر والنهي باللسان.


(1) الوسائل: ج 16، ب 18، من العتق، ح 2، ص 21.

(2) الوسائل: ج 16، ب 18، من العتق، ح 12، ص 23.