المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

553

شيء من الأضرار التكوينيّة على الإطلاق، وهذا المدلول يبقى أصله ويرتفع إطلاقه إن رفعنا اليد عن الظهور السابع بالقرينة، وأمّا إن رفعنا اليد عن الظهور الأوّل مثلاً، وفرضنا كون (لا) ناهية، فأصل المدلول يتغيّر ويصبح مدلولاً محصّلاً آخر، ويرتفع إطلاق المدلول الأوّل بارتفاع موضوعه.

صحيح أنّه مع التصرّف في الظهور الأوّل مثلاً لا حاجة الى التصرّف في الظهور السابع، وهو الإطلاق، بل يبقى الكلام ـ عندئذ ـ على إطلاقه، لكن لم يكن كلّ من الإطلاق، وكون (لا) للنفي، وكذا سائر الظهورات ظهوراً مستقلاًّ يعطي مدلولاً مستقلاًّ واحداً، بل العرف كان يُعمل بارتكازه كل هذه الظهورات، ويملأ كلّ الفراغات، ويحصّل مدلولاً واحداً، وهو نفي الوجود التكويني للضرر على الإطلاق، فالإطلاق في الكلام يكون إطلاقاً لهذا المدلول، فيدور الأمر لأجل القرينة بين رفع اليد عن أصل المدلول وانتفاء إطلاقه بانتفاء الموضوع، وبين رفع اليد عن إطلاقه، وهذا معناه أنّ القرينة تنظر ابتداءً إلى الإطلاق، وتنصبّ على الظهور السابع، فيتعيّن للسقوط؛ ولذا لا إشكال عند العرف، وعند العلماء في أنّه إذا قال المولى: (أكرم العالم) ودلّ دليل خاصّ على عدم وجوب إكرام زيد العالم لزم رفع اليد بذلك عن إطلاق العالم، لا عن ظهور هيئة الأمر في الوجوب، وحمله على الاستحباب، والسرّ في ذلك إنّما هو ما ذكرناه: من أنّ القرينة تنصبّ أوّلاً وبالذات على الإطلاق لا على ظهور الهيئة، فإنّ للكلام مدلولاً محصّلاً عرفيّاً واحداً، وهو وجوب إكرام العالم على الإطلاق، وهذا الكلام إطلاقه غير مقصود بالقرينة المفروضة حتماً، ولا وجه لرفع اليد عن أصل مدلوله، وتحقيق الكلام في ذلك بنحو أبسط موكول الى مبحث التعادل والتراجيح.

الوجه الثاني: أنّ القرينة فيما نحن فيه تكون بمنزلة القرينة المتّصلة؛ لبداهة وجود الأضرار الكثيرة في الخارج، ووضوح كون النبي(صلى الله عليه وآله)متكلّماً بهذا الكلام بما هو مشرّع ومقنّن للقوانين، ومهما كانت القرينة متّصلة ودار الأمر بين رفع اليد عن ظهور إطلاقي لتلك القرينة، أو ظهور آخر وضعي، أو سياقي لا ينعقد الظهور الإطلاقي تكويناً، ويتعيّن الأخذ بالظهور الآخر من دون لزوم المخالفة لظهور من الظهورات أصلاً؛ وذلك لأنّ قوام الإطلاق بعدم البيان والظهور الآخر يصلح بياناً.

إن قلت: إنّ الظهور الآخر ـ أيضاً ـ متقوّم بعدم بيان الخلاف؛ لأنّ القرينة المتصلة تمنع عن انعقاد الظهور، فكون الظهور الآخر مانعاً عن انعقاد الظهور