المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

552

اقتناص الضرر، وهذا ليس عنواناً للحكم قطعاً، ولا مسبّباً توليديّاً عنه جزماً، وإنّما هو على ما بيّناه استغلال من قبل الفاعل بخبثه للحكم الشرعي.

7 ـ الإطلاق المتقضي لكون المنفيّ الضرر من دون أيّ قيد وتخصيص.

فلو تحفّظنا على كلّ هذه الظهورات، للزم نفي كلّ ضرر تكويني بوجوده الخارجي في العالم، مع أنّ هذا بديهي البطلان.

والظهورات الثلاثة الأخيرة وإن كانت أضعف من الظهورات السابقة فتتعيّن هي في مقام السقوط، لكنّ هذا المقدار لا يكفي في تعيين المقصود؛ إذ يتردّد الأمر في السقوط بين هذه الظهورات الثلاثة.

نعم، لو كانت كلمة (في الإسلام) موجودة في العبارة كان الكلام ظاهراً في رفع اليد عن الظهور الخامس، وإرادة نفي الوجود الاستساغي في الشريعة بقرينة (في الإسلام)، لكن لم ترد هذه الكلمة في النصّ الصحيح سنداً من أحاديث (لا ضرر).

والتحقيق في مقام تعيين المقصود من هذا الحديث: هو أن يقال: إنّه يتعيّن رفع اليد عن الظهور السابع، وهو الإطلاق دون سائر الظهورات؛ وذلك لقيام القرينة على التقييد، وهي وجود الأضرار التكوينيّة في الخارج كثيراً، وكون النبي(صلى الله عليه وآله) مشرّعاً ومقنّنا للقوانين، ومتكلّماً بهذا الكلام بما هو مشرّع ومقنّن، فلا يكون نظره الى وجود الأضرار التكوينيّة خارجاً غير المربوطة بنُظمه وقوانينه.

فإن قلت: إنّ هاتين القرينتين نسبتهما الى تمام هذه الظهورات على حدّ واحد فلا معنى لتعيّن الظهور السابع للسقوط، وذلك نظير ما إذا ورد (أحلّ اللّه كلّ بيع وحرّم الربا) وعُلم إجمالاً بتخصيص العموم، أو تقييد الإطلاق في هذا الكلام، كما لو علمنا أنّه إمّا أنّ البيع المعاطاتي غير صحيح، أو أنّ الربا بين الوالد والولد جائز مثلاً، فهذا نسبته الى كلّ من الظهورين على حدّ واحد، ولا وجه لرفع اليد عن خصوص الإطلاق.

قلت: إنّ ما نحن فيه يفترق عن مثل هذا المثال بوجهين:

الوجه الأوّل: هو أنّ هذا المثال يوجد فيه ظهوران: أحدهما منحاز عن الآخر، وهما العموم في (أحلّ اللّه البيع) والإطلاق في (حرّم الربا)، ونسبة القرينة الى صدر الكلام وذيله على حدّ سواء، وأمّا في قوله: (لا ضرر) فما بيّناه من الظهورات السبعة إنّما هي ظهورات تحليليّة مندكّة بعضها في بعض، ولا يفهم العرف سبعة مداليل منحازة، بل يفهم من هذا الكلام مدلولاً محصّلاً واحداً، وهو أنّه لا يوجد في الخارج