المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

550

النظر عن التدارك وعدمه، ووجود آخر مستقرّ، وهو فيما إذا لم يتدارك الضرر، فيقال: إنّ النهي متوجّه الى الوجود المستقرّ للضرر.

ثمّ إنّه كلما أنتج الاتّجاه الفقهي الأوّل وهو نفي الحكم الضرري فهو يستبطن ضمناً الاتّجاه الفقهي الثاني، أعني: عدم جواز الإضرار بناءً على أنّ الجواز حكم وجودي، لا أنّه عبارة عن عدم الحكم، أو أنّ قاعدة (لا ضرر) تنفي عدم الحكم أيضاً كما تنفي الحكم.

نعم، خصوص الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المنتجة للاتّجاه الفقهي الأوّل وهو إرادة نفي الحالة الضررية مع تقييد إطلاق الدليل من ناحية الأسباب، أو الظروف يكون أوضح في استبطانه لتحريم الإضرار حتّى بناءً على أنّ الجواز عبارة عن عدم الحكم؛ وذلك لأنّ مقتضى إطلاق (لا ضرر) نفي تمام الأضرار الخارجيّة، والذي ثبت خروجه عن الإطلاق كان غير هذا، والضرر الناشىء من عدم تحريم سبب الإضرار، أو في الظرف المطبّق عليه نظام الشريعة الخالي من تحريم الإضرار باق تحت الإطلاق(1).

هذا تمام الكلام في الوجوه المحتملة في لا ضرر.

وأمّا بيان ما هو المختار منها في المقام فتفصيله: أنّ جملة (لا ضرر) لو خلّيت ونفسها تكون مشتملة على ظهورات سبعة، كلّ واحد منها ينفي بعض الاحتمالات السابقة، ولو بني على التحفّظ على كلّ الظهورات يلزم نفي تمام تلك الاحتمالات.


(1) الظاهر أنّه لا فرق في وضوح استبطان الاتّجاه الفقهي الأوّل للاتّجاه الفقهي الثاني بين الوجه الثاني من وجوه تخريج الاتّجاه الفقهي الأوّل، وهو إرادة نفي الحالة الضرريّة والوجه الثالث من تلك الوجوه، وهو نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، إلّا بناءً على كون المقصود على الثالث نفي الوجود التشريعي للموضوع، فإنّه على هذا الفرض تأتي شبهة أنّ الجواز ليس حكماً شرعيّاً كي يكون لموضوعه وجود تشريعي، بل هو عدم الحكم.

ولكن قد عرفت أن هذا الوجه في ذاته غير عرفي في المقام أصلاً، وإلّا فهلاّ يكون (لا ضرر) نافياً لتحريم الإضرار؛ لأنّ التحريم حكم تشريعي بلا إشكال، فيكون لموضوعه وجود تشريعي؟!، وأمّا لو كان المقصود من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع نفي الوجود الخارجي للموضوع، أو نفي وجوده الاستساغي، فمقتضى الإطلاق هو تحريم الأمر الذي يوجب الإضرار أيضاً ولو فرض الجواز أمراً عدميّاً؛ لأنّه لو لم يحرم لوجد خارجاً، ولكان له وجود استساغي، والمتيقّن خروجه من الإطلاق غير هذا.