المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

547

فإن فرضنا عدم إعمالها فالنفي نفي لذات الضرر والنقص الخارجي، فإن كان النفي كناية عن النهي رجع الى الوجه الثالث من الوجوه المخرِّجة للاتّجاه الفقهي الثاني إن قُصد النفي الإخباري، والى الوجه الرابع منها إن قُصد النفي الإنشائي، وإن لم يكن النفي كناية عن ذلك، بل كان المقصود الجدّي ـ أيضاً ـ هو نفي الضرر الخارجي غاية الأمر أنّه يُقيّد من ناحية الأسباب، أو الظروف بخصوص الضرر الناشىء من الحكم على ما مرّ تفصيله، رجع الى الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة لتخريج الاتّجاه الفقهي الأوّل بكلا شقّي ذلك الوجه.

وأمّا إن فرضنا إعمال تلك العناية فهنا يصحّ نفي وجوب الوضوء الضرري بنفي الوجود الخارجي للوضوء الضرري ولو لم ينف تمام مراتب الاستساغة؛ وذلك باعتبار أنّه لا داعي للشخص أن يأتي بالوضوء الضرري ولو فرض جائزاً، فكأنّ زوال وجوبه كاف لتحتّم انتفائه خارجاً، فينفى وجوبه بلسان نفي وجوده الخارجي.

هذا تمام الكلام في وجوه نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وبقي الكلام في فرض التركيب بين بعض الوجوه وبعض.

والتركيب يتصوّر على نحوين:

الأوّل: التركيب بين ما مضى من الوجودات الثلاثة للضرر، أعني: الوجود الاعتباري من سنخ وجود الحكم، والوجود الاستساغي، والوجود الخارجي. فيفرض أنّ المراد نفي أكثر من وجود واحد، كأن يكون المقصود نفي جميع تلك الوجودات، وهذا وإن كان ممكناً ثبوتاً، لكن لا يساعد عليه شيء في مقام الإثبات، فإنّ الطريق الوحيد لإثباته هو دعوى الإطلاق الشامل لجميع أقسام الوجودات، وهذا الإطلاق غير صحيح، فإنّ هذه الوجودات ليست كلّها حقيقيّة، بل الوجود الأوّل والثاني عنائيان، ففرض كلّ واحد منهما إنّما يكون عند إعمال المتكلّم العناية المختصّة به، ولم يعلم أنّ المتكلّم أعمل العنايتين، وفرض للضرر وجودات ثلاثة كي يقتضي الإطلاق إرادة الجامع بين الوجودات، والإطلاق لا يُثبت إعمال العناية.

هذا. ومقتضى الأصل الأوّلي: هو إرادة الوجود الحقيقي وعدم إعمال العناية، وإن ثبت من الخارج بقرينة إعمال العناية فتلك القرينة تدلّ عرفاً على صرف الكلام ابتداءً عن الوجود الحقيقي لا على إرادة الوجود العنائي الى صفّ الوجود الحقيقي، فإنّ القرينة على الوجود العنائي تصبّ عرفاً الكلام ابتداءً على الوجود العنائي، لا على الجامع بين الوجود العنائي والوجود الحقيقي، وإذا صبّت الكلام ابتداءً على