المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

546

الحكم به، فقد عرفت أنّ له أقساماً ثلاثة، فيجب أن نحسب حساب كلّ واحد منها لنرى أنّه هل يمكن انطباقه على المقام أو لا فنقول:

أمّا القسم الأوّل: وهو نفي الوجود الاعتباري للموضوع (باعتبار وجوده في لوح التشريع بنفس وجود الحكم) فبغضّ النظر عمّا عرفت من عدم صحّة ذلك في نفسه نقول: إنّه إن لم نُعمِل العناية التي ذكرناها من فرض الضرر عنواناً ثانوياً للموضوع الضرري، بل فرضنا أنّه اُريد بالضرر نفس الحالة الضرريّة والنقص، لم يصحّ نفي الوجود الاعتباري للموضوع؛ لما مضى من كونه مشروطاً بكون الحكم المقصود نفيه ممّا يترقّب ثبوته؛ لثبوته في بعض الشرائع، أو عند بعض العقلاء مثلاً، وليس للضرر حكم يترقّب ثبوته له عدا الحرمة، ونفي الحرمة ينتج خلاف المقصود.

وأمّا إن أعملنا تلك العناية فلا بأس بذلك، أعني: نفي الوجود الاعتباري للموضوعات الضرريّة كالعقد الغبني، وللمتعلّقات الضرريّة كالوضوء الضرري، وينتفي بذلك الحكم، فإنّ المتعلّق ـ أيضاً ـ كالموضوع له وجود في افق الحكم بنفس وجود الحكم.

وأمّا القسم الثاني: وهو نفي الوجود الاستساغي، فإن لم نُعمِل عناية جعل الضرر عنواناً ثانوياً للموضوع الضرري، بل فرضنا نفي الوجود الاستساغي لنفس الضرر والنقص رجع ذلك الى الوجه الثاني من الوجوه التي تخرّج الاتّجاه الفقهي الثاني، وهنا نقول: إنّ هذا الوجه يخرّج ـ أيضاً ـ الاتّجاه الفقهي الأوّل؛ لأنّ الوجود الاستساغي للضرر ليس منحصراً بجواز الإضرار في الشريعة من قبيل الزنا مثلاً الذي لا معنى لوجوده الاستساغي، إلّا أن يُفرض جوازه، بل يتصوّر الوجود الاستساغي في الضرر بنحو آخر ـ أيضاً ـ وهو تشريع قانون وحكم يتولّد منه الضرر كإيجاب الوضوء الضرري، فإنّ هذا ـ أيضاً ـ وجود استساغي له، فينفى بالحديث، إلّا أنّ هذا ليس نفياً للحكم بلسان نفي الموضوع؛ لأنّ المفروض عدم إعمال عناية جعل الضرر عنواناً ثانوياً للموضوع.

وأمّا إن أعملنا تلك العناية فهنا يتمّ تخريج الاتّجاه الفقهي الأوّل بنفي الحكم بلسان نفي الموضوع، فهو نفي لوجوب الوضوء الضرري مثلاً بلسان نفي نفس الوضوء الضرري.

وأمّا القسم الثالث: وهو نفي الوجود الخارجي، فأيضاً تارة نفرض عدم إعمال تلك العناية، واُخرى نفرض إعمالها: