المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

545

وأمّا إذا حمل الكلام على النفي البسيط للزيادة فبغضّ النظر عن الارتكاز لا تفهم من نفس الكلام نكتة وحدة الكيس؛ إذ لعلّه ينفي ذات الزيادة ادّعاءً بغضّ النظر عن وحدة الكيس، ومثل ذلك قوله: «لا سرقة في يوم المجاعة»، فإنّ الارتكاز يقضي بأنّ نكتة نفي السرقة هنا عدم كونها سرقة من دون حقّ؛ لأنّ المجاعة تحدث الحق، وهذه النكتة تفهم من نفس الكلام بغض النظر عن الارتكاز لو حمل على النفي التركيبي؛ إذ ـ عندئذ ـ يكون إثبات السرقة في الموضوع بمعنى أخذ مال الغير، وتكون السرقة المنفيّة في المحمول بمعنى أخذ مال الغير بلا حق؛ لما قلنا: من أنّ العرف يترقّب تعدد اللحاظ حينما يثبت شيء في جانب الموضوع، وفي نفس الوقت يُنفى في جانب المحمول. وأمّا إذا حمل على النفي البسيط فلا سبيل إلى فهم هذه النكتة من نفس الكلام بغضّ النظر عن الارتكاز(1).

وهذا بخلاف قولك: «التائب من الذنب لا ذنب له»، فإنّه لا ارتكاز في المقام لنكتة من هذا القبيل، بل الارتكاز هنا يقتضي العكس؛ لأنّه ليس المقصود الاستهانة بالكذب الذي صدر منه مثلاً كي يقال على نحو النفي التركيبي: ليس هذا الكذب ذنباً، وإنّما المقصود أنّ هذا الشخص كأنّه لم يكذب، فيستفاد من هذا الكلام النفي البسيط. هذه هي النكتة العامّة في المقام.

ولعلّ هنا نكتة خاصّة في خصوص (لا ربا) غير مطّردة، وهي كون الحكم المقصود نفيه أثراً لصفة المعاملة الربويّة، لا لنفس المعاملة وتلك الصفة زائدة على نفس المعاملة حتّى في نظر العرف، فالأنسب نفي كون المعاملة الربويّة ربويّة، لا نفي أصل المعاملة الربويّة، وهذا لا يأتي في مثل: «لا سرقة في يوم المجاعة»؛ لأنّ عنوان السرقة عرفاً ليس شيئاً زائداً وراء أصل العمل المخصوص حتّى يقال: إنّ الأثر كان لذلك العنوان، فالأنسب سلبه عن المعنون، لا سلب أصل المعنون. هذا، وفي الذنب وإن كان الأثر لعنوان كونه ذنباً ومخالفةً لا لأصل العمل، لكن في مقابل ذلك كان هنا ما يقتضي كون النفي بسيطاً، وهو أنّه لا يناسب نفي كون ما صدر منه ذنباً، فإنّه يعطي الاستهانة بالذنب العظيم، وإنّما المناسب نفي صدور ذلك الذنب منه.

وأمّا نفي الحكم بلسان نفي الموضوع بالنحو الذي كان يمكن نفي أصل


(1) كأنّ مقصوده(رحمه الله) إرجاع النفي في المقام الى النفي التركيبي بلحاظ المدلول التصديقي. وأمّا بلحاظ المدلول التصوّري فمن الواضح كونه نفياً بسيطاً.