المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

542

قولنا: «لا طلاق في الإسلام» بداعي نفي حرمته؛ لأنّ الشيء المحرّم في شريعة لا يوجود في عالم تطبيق تلك الشريعة خارجاً حتّى يفرض بهذه المناسبة له نحو وجود في الشريعة؛ حتّى يصحّ نفي الحرمة بلسان نفيه في الشريعة.

هذا. ومقتضى إطلاق نفي الوجود الاستساغي بهذا النحو نفي تمام مراتب الاستساغة حتّى الإباحة، ولكن يمكن إرادة نفي بعض المراتب، كأن يقال: «لا تَحَمُّلَ للضرر عن الغير في الإسلام» أي: لا يجب ذلك في الإسلام، فإنّ الاستساغة قد تكون بمرتبة الوجوب، وقد تكون بمرتبة الاستحباب، وقد تكون بمرتبة الترخيص مثلاً.

الثالث: أن يُنفى الحكم بنفي الوجود الخارجي للموضوع باعتبار كون الحكم الاستساغي سبباً لوجوده في الخارج، وكونه ينتفي بانتفاء الحكم الاستساغي، فينفى الحكم بنفيه على حدّ نفي السبب بلسان نفي المسبّب.

وهذا فرقه عن سابقه مضموناً: هو أنّ المنفي في السابق هو الوجود الاستساغي، وهنا هو الوجود الخارجي.

وفرقه عنه في الأثر: هو أنّه في القسم السابق يمكن نفي خصوص بعض مراتب الاستساغة بتقييد الإطلاق، وأمّا هذا القسم من النفي فلا يصحّ، إلّا إذا اُريد نفي الترخيص إطلاقاً؛ إذ بانتفاء الوجوب فقط مثلاً لا ينتفي ذلك الشيء خارجاً، وإنّما ينتفي ذلك الشيء بانتفاء استساغته بتمام مراتب الاستساغة.

ثمّ إنّ حديث الرفع لا ينطبق عليه شيء من هذه الأقسام الثلاثة عدا القسم الأوّل، وهو نفي الحكم بلسان نفي وجود الموضوع باعتبار أنّ للموضوع وجوداً من سنخ وجود حكمه، وأمّا في الوجود الاستساغي، أو الوجود الخارجي فلا يناسب مثل عنوان «ما اضطرّوا إليه»، فإنّه ينتج عكس المقصود وقد اُريد من حديث الرفع رفع الحكم بلسان رفع الموضوع باعتبار وجوده في اُفق الحكم بنفس وجود الحكم، وقد قلنا: إنّ هذا القسم من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع غير صحيح، إلّا في مورد اُعمِلت فيه عنايات فائقة، وحديث الرفع من هذا القبيل. وقد مضى شرح الكلام فيه في مبحث البراءة.

هذا تمام الكلام في أقسام نفي الحكم بلسان نفي الموضوع.

والآن نتكلّم في الفروض المعقولة منها في المقام.

فنقول: أمّا نفي الحكم بلسان نفي الموضوع بنحو الحكومة، أي: بالنكتة التي تختصّ بنفي إطلاق الحكم فهو غير منطبق على جملة (لا ضرر) لا بنحو النفي