المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

540

الخارجي بالمقدار الذي يكون تحت تطبيق السلطة التشريعيّة للمولى لا ضرر فيه، فالآفة السماويّة الواقعة على شخص مثلاً وإن كانت ضرراً، لكنّها غير مرتبطة بعالَم نفوذ السلطنة التشريعيّة للمولى، وإنّما هي مرتبطة بعالَم نفوذ سلطنته التكوينيّة. وهذا التقييد ـ أيضاً ـ يشبه التقييد الأوّل، ويفيد نفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر.

وأمّا الوجه الثالث: فهو ما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله): من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع من قبيل (لا ربا بين الوالد وولده)، و (يا أشباه الرجال ولا رجال).

ولتوضيح مقصوده(قدس سره)، والمحتملات الموجودة في كلامه لا بدّ من ذكر أنحاء نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، فإنّ ذلك يتصوّر على أنحاء عديدة، فهو يقسّم في بادىء الأمر الى قسمين:

القسم الأول: ما نسمّيه بالحكومة ـ وهو ما لا تسمح نكتته بنفي أصل الحكم، بل لابدّ من أن يكون المنفي إطلاق الحكم لا أصله ـ وذلك أن يفرض الحكم لازماً ذاتيّاً للموضوع لا ينفكّ عنه، وحيث إنّ اللازم إنّما ينتفي إذا انتفى الملزوم فحينما لا يكون الحكم ثابتاً فكأنّ الموضوع غير ثابت، فيعبّر بنفي الملزوم، لتفهيم نفي اللازم من قبيل قوله: «يا اشباه الرجال ولا رجال» حيث فرض الوفاء، والبطولة، والثبات من اللوازم التي لا تنفكّ عن الرجولة، فنفى الرجولة بانتفاء هذه الصفات.

وهذا القسم من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، كما يمكن أن يكون على نحو النفي التركيبي، كذلك يمكن أن يكون على نحو النفي البسيط، فما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله): من أنّ الحكومة لا تكون إلّا بنحو النفي التركيبي، وهو نفي عنوان الموضوع عن الفرد غير صحيح، فإنّه كما يمكن ذلك كما هو صريح قوله: «شكّك ليس بشيء» وظاهر قوله: «لا ربا بين الوالد وولده»، كذا يمكن نفي وجود الموضوع بأن يقصد أنّ الربا بين الوالد والولد غير موجود، فينتفي بذلك الحكم، وهذا هو النفي البسيط، وذلك من قبيل قولك: «التائب عن الذنب لا ذنب له»، فهذا ينفي وجود الذنب، وهو الكذب الذي صدر منه مثلاً بالرغم من ثبوته واقعاً بداعي نفي أثره، وهو العقاب مثلاً، ويكون النفي نفياً بسيطاً.

وعلى أيّ حال فهذا القسم من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع يختصّ بنفي إطلاق الحكم، ولا يمكن نفي أصل الحكم به، فإنّ المفروض أنّ نكتة ذلك فرض كون الحكم أثراً لا ينفكّ عن الموضوع، وهذا لا ينسجم مع نفي أصل الحكم؛ إذ بذلك يخرج عن كونه أثراً ولازماً له.