المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

539

الضرر، نظير ما يقال في: واسأل القرية، أي: واسأل أهل القرية مثلاً.

2 ـ أن يكون على حدّ المجاز في الكملة، فاستعمل اسم المُسبّب وهو الضرر مجازاً في سببه، وهو الحكم الذي ينشأ منه.

3 ـ ما ذكره المحقّق النائيني(قدس سره): من أنّه اطلق لفظ (الضرر) على الحكم الذي ينشأ منه الضرر، لا مجازاً بل حقيقة(1)، وذلك تطبيقاً لقاعدته التي نقّحها هو(قدس سره): من أنّ السبب يكون مصداقاً لمسبّبه التوليدي عرفاً، وإن افترقا فلسفيّاً، فالإلقاء في النار مثلاً بنفسه إحراق، وإن كان الإحراق فلسفيّاً هو عين الاحتراق، فإنّ الاحتراق إذا نسب الى الفاعل سمّي إحراقاً، وهو غير الإلقاء في النار فلسفيّاً. فطبّق (قدس سره) هذه القاعدة على ما نحن فيه، وذكر: أنّ الضرر يصدق على نفس الحكم باعتباره مسبّباً توليديّاً له.

واعترض عليه بعض: بأنّ مثل الضرر الناشىء من التوضّوء عند وجوب الوضوء ليس مسبّباً توليديّاً للوجوب، وإنّما الوجوب مقدّمة من المقدّمات الإعداديّة له.

ولكنّ الظاهر أنّ مقصود المحقّق النائيني(قدس سره) ليس هو إلحاق المقام بالمسبّبات التوليديّة فلسفيّاً وبالدّقة العقليّة، بل مقصوده إلحاقه بها عرفاً باعتبار أنّ الكلام في الاستظهار العرفي، وبما أنّه كان الحكم الضرري بالنسبة للعبد المنقاد كالعلّة التامّة لتحقّق الضرر يسند العرف الضرر الى الحكم ويعنونه به، ولذا يقال عرفاً مثلاً: إنّ جعل الحكومة للقانون الكذائي إضرار بالرعيّة من دون أيّ مسامحة في هذا التعبير.

وأمّا الوجه الثاني: فلا يشتمل على أيّ مجازيّة، فإنّ المفروض أنّه اُطلق فيه الضرر على نفس الحالة الضرريّة الواردة على المكلّف، إلّا أنّه لابدّ من ارتكاب التقييد في المقام؛ إذ ليس كلّ ضرر منفيّاً في الخارج، وإنّما المنفي هو الضرر الناشىء من الحكم، إذن فيلتزم بالتقييد فيما نحن فيه بأحد وجهين:

1 ـ التقييد من ناحية الأسباب، أي: لا ضرر مسبّباً عن الحكم، فينفى ـ لا محالة ـ السبب وهو الحكم.

2 ـ التقييد من ناحية الظروف، أي: لا ضرر في ظرف تطبيق السلطة التشريعيّة للمولى، فالضرر منفيّ في الخارج، لكن لا في كلّ أرجاء الخارج، بل أنّ العالَم


(1) راجع منية الطالب للشيخ النجفي، ج 2، ص 207 ـ 208.