المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

537

وهذا ـ أيضاً ـ له جناحان:

1 ـ خصوص التحريم التكليفي.

2 ـ ما يعمّ التحريم التكليفي والوضعي بمعنى البطلان.

الثالث: أنّ مفاده نفي الضرر غير المتدارك، وهذا ما ذهب إليه الفاضل التوني(رحمه الله)، وبعض المحقّقين المتأخّرين عنه. وهذا ـ أيضاً ـ له جناحان:

1 ـ نفي الضرر غير المتدارك بمعنى جعل التدارك، فمن أضرّ بأحد كما لو أتلف ماله وجب عليه تداركه.

2 ـ نفي الضرر غير المتدارك سواء أكان ذلك بنفي الحكم الضرري، أم بتدارك الضرر الواقع، فإذا كان الضرر مربوطاً بالحكم رفع ذلك الحكم الضرري، وإذا كان مربوطاً بعمل شخص خارجاً بغض النظر عن الحكم، كما إذا أتلف شخص مال غيره حكم بالتدارك.

وأمّا على المستوى الثاني: فلنذكر مقدّمة:

إنّه من الواضح أنّ المقصود من (لا ضرر) ليس ما هو الظاهر من مثل هذا التركيب في غير هذه الجملة من الجمل المتعارفة غير المربوطة بباب التشريع، كما في (لا رجل في الدار) فإنّه يستفاد من ذلك عدم وجود الرجل خارجاً، ولا يستفاد هذا من (لا ضرر) بنكتة وجود الضرر خارجاً بالبداهة، وكونه صادراً من المشرّع بما هو مشرّع وبصدد التشريع. ولعلّ هذا هو مقصود الشيخ الأعظم(قدس سره) من قوله: «بعد تعذّر إرادة الحقيقة»(1) .

وبعد هذا نقول: إنّ الوجوه التي تنتج الاتّجاه الفقهي الثاني أربعة، ونقطة الانقسام فيها تبدأ من حرف (لا):

الأوّل: أن يفرض أنّ (لا) استعمل هنا مجازاً في النهي، فهذا إنشاء صرف يستفاد منه حرمة الضرر.

الثاني: أن يفرض أنّ (لا) استعمل في الإخبار عن النفي، والمراد الجدّي ـ أيضاً ـ هو الإخبار عن النفي، ويفرض أنّ خبر (لا) المحذوف هو كلمة (مستساغ) مثلاً، لا كلمة (موجود)، أو يُفرض أنّ خبرَه هو (موجود)، لكنّ المقصود به ليس هو الوجود في الخارج، بل الوجود في الإسلام بناءً على ما سوف يأتي ـ إن شاء اللّه ـ من


(1) راجع الرسائل: ص 314 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله.