المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

536

 

 

 

مفاد هيئة جملة (لا ضرر)

 

المقام الرابع: في مفاد الهيئة التركيبيّة لجملة لا ضرر.

إنّ استعراض الوجوه في مفاد (لا ضرر) يكون على مستويين:

الأوّل: استعراض الاتّجاهات الفقهيّة في الحكم الشرعي المستفاد من ذلك.

والثاني: استعراض المحتملات اللغويّة لجملة (لا ضرر) وقد تكون عدّة من تلك المحتملات تفيد اتجاهاً واحداً من الاتّجاهات الفقهيّة المذكورة في المستوى الأوّل، وعدّة اُخرى منها تفيد اتّجاهاً آخر وهكذا، ونحن نستعرض أوّلاً تلك الاتّجاهات، وهذا هو المستوى الأوّل، ثمّ ندخل في المستوى الثاني، ونعيّن أنّ أيّ عدّة من المحتملات اللغويّة تفيد أيّ واحدة من تلك الاتّجاهات، ثمّ ننظر الى مجموع تلك المحتملات لنختار ما هو الصحيح منها، ونعيّن ما ينتجه ذاك الاحتمال من اتّجاه فقهي فنقول:

أمّا على المستوى الأوّل: فالاتّجاهات الفقهيّة الرئيسيّة في (لا ضرر) ثلاثة:

الأوّل: أنّ مفاده نفي الحكم الضرري، ولهذا الاتجاه جناحان:

1 ـ ما يظهر من الشيخ الأعظم (قدس سره)، واختاره المحقّق النائيني(رحمه الله)ومدرسته: من أنّه ينفي الحكم الذي ينشأ منه الضرر، وهذا يعمّ فرض كون الضرر ناشئاً من نفس الحكم، كما في الحكم بصحّة البيع الغبني ولزومه مثلاً، وسيأتي ـ إن شاء اللّه ـ هذا المثال مع مناقشته والبحث فيه، أو من الجري على طبقه والعمل به، كما في وجوب الوضوء حينما يكون الوضوء ضرريّاً، من دون فرق ـ أيضاً ـ بين أن يكون الضرر ناشئاً من نفس متعلّق الحكم بالذات، كما في هذا المثال، أو ناشئاً من مقدّمات له.

2 ـ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني (رحمه الله): من أنّه رفع حكم الموضوع الضرري، فلا يشمل مثلاً: ما إذا لم يكن الموضوع الذي تعلّق به الحكم ضرريّا، بل كانت مقدّماته ضرريّة.

الثاني: أنّ مفاده تحريم الضرر، وهذا ما ذهب إليه جملة من الأصحاب كالنراقي(رحمه الله) ـ على ما أظنّ ـ من القدماء، وشيخ الشريعة الاصفهاني(قدس سره) من المتأخّرين.