المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

495

حالة الشكّ في الابتلاء

التنبيه السادس: إذا شكّ في أنّ الحكم الفلاني كأحكام الشكّ في الصلاة مثلاً هل سيدخل في محل ابتلائه أو لا، فهل يجب عليه تعلّم ذلك الحكم أو لا؟!

قد يقال بعدم الوجوب نظراً لاستصحاب عدم الابتلاء ولو بلحاظ ما يأتي؛ لأنّ الاستصحاب كما يجري بلحاظ ما مضى يجري بلحاظ ما يأتي.

وذكر في الدراسات(1): أنّ عدم الابتلاء ليس حكماً شرعيّاً، ولا موضوعاً لحكم شرعي؛ لأنّ وجوب الفحص وعدمه ليس دائراً مدار الابتلاء الواقعي وعدمه، وإنّما هو دائر مدار العلم بعدم الابتلاء وعدمه، فالذي خرج من إطلاق دليل وجوب الفحص هو فرض العلم بعدم الابتلاء؛ لكونه وجوباً طريقيّاً. وعليه فإن قلنا: بأنّه يشترط في المستصحب أن يكون حكماً شرعيّاً، أو موضوعاً لحكم شرعي لم يجرِ هذا الاستصحاب. وأمّا إذا بنينا على إنكار هذا المبنى وقلنا: إنّه يكفي في جريان الاستصحاب ترتّب الأثر الشرعي على نفس الثبوت الاستصحابي، وأنّه يقوم الاستصحاب مقام العلم الموضوعي، كما يقوم فيما إذا كان المستصحب حكماً شرعيّاً، أو موضوعاً لحكم شرعي مقام العلم الطريقي، فالاستصحاب هنا جار، فإنّ موضوع عدم وجوب الفحص هو العلم بعدم الابتلاء، والاستصحاب يحقّق لنا ـ تعبّداً ـ العلم بعدم الابتلاء، فيكون حاكماً على دليل وجوب الفحص المغيّى بالعلم بعدم الابتلاء.

نعم، محذور هذا الاستصحاب أنّه يلزم منه تخصيص الأكثر لأخبار وجوب التعلّم؛ إذ يجري هذا في أكثر الأحكام.

أقول: إن فُرض التكليف فعليّاً فلا مجال لهذا الكلام، مثلاً: إذا دخل وقت الصلاة صار الحكم بالجامع بين التمام في الحضر والقصر في السفر فعليّاً، فإذا شكّ في الابتلاء بالسفر وجب عليه تعلّم أحكام صلاة القصر؛ لأنّ التكليف فعلي واستصحاب عدم السفر فيما يأتي لا يثبت أنّه قادر على الامتثال، وسوف يأتي بالوظيفة التماميّة في آخر الوقت بالنحو الصحيح، إلّا بنحو الملازمة العقليّة.

وأمّا إذا كان التكليف مشروطاً غير فعليّ كما في صلاة الزلزلة إذا شكّ في أنّه هل سوف تتّفق في عمره الزلزلة أو لا، فإن قلنا: إنّ موضوع وجوب التعلّم هو الابتلاء


(1) الدراسات: ج 3، ص 312، راجع ـ أيضاً ـ المصباح: ج 2، ص 501 - 502.