المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

494

4 ـ ما ذكره المحقّق النائيني (رحمه الله)(1): من أنّ الأمر الترتّبي في المقام لا يعقل وصوله فلا يعقل جعله؛ لأنّ الأمر الترتّبي مشروط بعصيان الأمر بالأهمّ، فموضوعه هو العاصي، والجاهل بالحكم لا يُصدّق أنّه عاص، إلّا إذا ارتفع جهله بالحكم، فبمجرّد أن يصل إليه الخطاب يخرج عن كونه جاهلاً، ويخرج عن كونه موضوعاً لهذا الخطاب.

وأجاب عنه السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ: بانّ شرط الخطاب الترتّبي ليس هو العصيان، بل هو ترك الأهمّ وهو الصلاة الإخفاتيّة، وذات الترك قابل للالتفات إليه من قبل الجاهل(2).

ويرد عليه: أنّ هذا الكلام لا يرفع الإشكال وإن فرض أنّه أوجد تبديل عنوان بعنوان؛ وذلك لأنّ الأمر بالصلاة الجهريّة المنوطة بترك الصلاة الإخفاتيّة لو وصل الى المكلّف لالتفت لا محالة الى أنّ الوظيفة الأوّليّة هي الإخفات لا الجهر، ولك أن تقول: إنّ الجاهل بالحكم معناه ـ على ما مرّ سابقاً ـ المعتقد وجوب ما أتى به وهو صلاة الجهر، فلو كان هناك أمر ترتّبي وجب أن يؤخذ في موضوعه الاعتقاد بوجوب الجهر، ومن المعلوم أنّ من اعتقد وجوب الجهر ليس بحاجة الى إعمال مولويّة في المقام وتحريك آخر، وهذا التحريك الآخر لا يصله خارجاً، فالتحريك المولوي تامّ في المرتبة السابقة، ويستحيل ترتّب المحرّكيّة من ناحية هذا الأمر الترتّبي؛ لأنّ وصوله يخرجه عن كونه جاهلاً بالحكم الى كونه عالماً بالحكم. فهذا الإشكال من المحقّق النائيني (رحمه الله)وارد في المقام، وهذا يوجب عدم تصوير الترتّب في المقام وإن تصوّرناه كلية.

هذا هو الإشكال الإجمالي في الترتّب. وهناك ـ أيضاً ـ إشكالات اُخرى حذفناها. وتفصيل ذلك في بحث الترتّب.

هذا تمام الكلام في تصوير الجمع بين العقاب وصحّة العمل في المقام. وبه تمّ الكلام في التنبيه الخامس من تنبيهات مسألة وجوب الفحص في الاُصول المؤمّنة وعدمه.


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 1، ص 373 بحسب طبعة جماعة المدرسين، وأجود التقريرات: ج 1، ص 311 ـ 312.

(2) راجع أجود التقريرات: ج 1، ص 311 ـ 312. في الهامش .