المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

493

الثالث: أن يؤخذ ترك القراءة الإخفاتيّة قيداً في الواجب الضمني لا في الوجوب، فيكون الوجوب الضمني فعليّاً. وهذا معناه أنّنا بالفعل مكلّفون بالقراءة الإخفاتيّة وبالقراءة الجهريّة المقيّدة بترك القراءة الإخفاتيّة. وهذا كما ترى تكليف بالضدّين وهو غير معقول.

3 ـ ما هو مستفاد من كلمات المحقّق الاصفهاني (قدس سره)(1) وإن كنت أذكره بشيء من التطوير، وحاصله: أنّ الأمر بالصلاة الجهريّة مقيّد بعصيان الأمر بالأهمّ وهو الصلاة الإخفاتيّة، وعصيانه بأحد نحوين: إمّا بتركها الى آخر الوقت، وإمّا بإتيان الصلاة الجهريّة المعجِّزة عن استيفاء المصلحة المطلوبة من الصلاة الإخفاتيّة، فالمأخوذ في موضوع الأمر بالصلاة الجهريّة هل هو العصيان بالنحو الأوّل، أو العصيان بالنحو الثاني؟

فإن قيل بالأوّل لزم عدم صحّة الصلاة الجهريّة في فرض الإتيان بالصلاة الإخفاتيّة في الوقت بعد الإتيان بالصلاة الجهريّة؛ إذ مع إتيانها ينتفي العصيان الذي هو موضوع الأمر بالصلاة الجهريّة، مع أنّ المفروض صحّة الصلاة وعدم الإعادة حتّى لو انكشف له الحال في الوقت.

وإن قيل بالثاني فالعصيان لا يتحقّق إلّا بالإتيان بالصلاة الجهريّة، فكيف يعقل أن يقال: إنّه إن أتيت بالصلاة الجهريّة يجب الإتيان بالصلاة الجهريّة؟! وهذا يساوق تحصيل الحاصل.

والجواب: أنّه يمكن الالتزام بأنّ الشرط هو الجامع بين العصيانين، أي: عدم استيفاء الزائد من الملاك غاية الأمر أنّ الترتّب الاعتيادي نتصوّره بنحو الشرط المقارن، وهذا الترتّب نتصوّره بنحو الشرط المتأخّر؛ إذ لا يمكن أن نأخذ تفويت الملاك بنحو الشرط المقارن؛ لأنّ تفويت الملاك لايتحقّق من هذا المكلّف، إلّا بعد انتهاء صلاته الجهريّة فيستحيل تكليفه بالصلاة الجهريّة، فنحن إنّما نأخذ جامع التفويت شرطاً بنحو الشرط المتأخّر، أي: إن كان سوف يصدر منك التفويت الجامع بين ترك الصلاة الإخفاتيّة الى آخر الوقت وإتيان الصلاة الجهريّة وجب عليك الإتيان بالصلاة الجهريّة. وليس في هذا محذور.


(1) نهاية الدراية: ج 2، ص 315.