المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

489

الأجزاء تكون موصوفة بالوجوب باعتبار الوحدة الاعتباريّة، إلّا أنّ هذه الوحدة الاعتباريّة أمر ذهني وفان في واقع الأجزاء، فالمنظور إليه واحد وهو هذا الجزء وإن كان المنظور به تارة هو الواحد الاعتباري، واُخرى هو العنوان التفصيلي.

الفرضية الثالثة: هي الالتزام بالترتّب مسامحة أو حقيقة، فيعاقب لترك الأهمّ ويصحّ عمله لثبوت الأمر به بنحو من الأنحاء.

أمّا الترتّب المسامحي فهو: أن يلتزم بأمرين: أحدهما متعلّق بالجامع، والثاني بأحد الفردين وهو الصلاة الإخفاتيّة أو القصر مثلاً، لا بالإخفات كما كان يقوله المحقّق النائيني (رحمه الله)، وأحد فردي الجامع مترتّب على الجهل بالأمر الثاني، وهذا ينسجم روحه مع فرضية المحقّق الخراساني (رحمه الله)، إلّا أنّه (رحمه الله) كان يفرض تعدّد المطلوب بحسب عالم الملاك فقط، وهذه الفرضية تفرض تعدّد المطلوب ملاكاً وخطاباً. ويمكن أن يورد على هذه الفرضية اعتراضان:

الاعتراض الأوّل: ما يقتنص من مباني المحقّق النائيني (رحمه الله) حيث إنّه(رحمه الله)حقّق في بحث المطلق والمقيّد استحالة تعلّق الأمر بالجامع مع تعلّق أمر آخر بأحد فرديه؛ لأنّ الأمر بالجامع يدلّ على الترخيص في التطبيق على الفرد الآخر، وهذا ينافي الإلزام بهذا الفرد، وبهذا برهن (رحمه الله)على وحدة الحكم في مثل (اعتق رقبة) و (اعتق رقبة مؤمنة)، فأثبت به شرط حمل المطلق على المقيّد وهو المنافاة بينهما، بل جعل


الاعتباريّة في حين أنّ الوجوب الاستقلالي ليس كذلك ـ وهذا الإشكال يتّجه على مسلك المحقّق النائيني (رحمه الله) وعلى مسلك اُستاذنا الشهيد وإن اختلفا في أنّ الأوّل يرى الوحدة الاعتباريّة مستمدّة من تقيّد الأجزاء بعضها بالبعض، والثاني يرى الوحدة الاعتباريّة مستمدّة من لحاظ عنوان المجموعيّة ـ فجوابه ما ورد في المتن: من أنّ الوحدة الاعتباريّة أمر ذهني وفان في واقع الأجزاء، فالمنظور إليه واحد وإن كان المنظور به متعدّداً.

وإن كان الإشكال عبارة عن صِرف أنّ الواجب الضمني هو الحصّة المقيّدة بالاقتران بباقي الأجزاء، والواجب الاستقلالي هو ذات الإخفات مثلاً ـ وهذا الإشكال يتّجه على مسلك المحقّق النائيني فحسب ـ فالجواب: أنّ الواجب الاستقلالي في المقام ـ أيضاً ـ هو الحصّة؛ لأنّ المفروض أنّه واجب في واجب أي: أنّه متحصّص بأن يكون في ظرف الواجب الآخر، وإنّما لا يعدّ جزءاً على مسلك المحقّق النائيني رغم التحصيص؛ لأنّ التحصيص لم يكن من كلا الطرفين، أي: أنّ باقي الأجزاء والقيود لم تكن محصّصة به. وأمّا على مسلك المحقّق العراقي من أنّ الوجوب يطرأ على الأجزاء بما هي متكثّرة فلا موضوع للإشكال أصلاً.