المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

487

الأوّل: ما ذكره المحقّق العراقي (قدس سره)(1) من أنّ هذا معناه أخذ عدم العلم بشيء في موضوع المعلوم وكون العلم بشيء رافعاً للمعلوم، وهذا محال، إذ يلزم ـ عندئذ ـ من كونه عالماً بالوجوب الاستقلالي أن لا يعلم به، مع أنّ المفروض أنّه عالم به.

والجواب عنه: هو ما حقّقناه في مسألة أخذ العلم بحكم في موضوع نفسه من تحليل الحكم الى الجعل والمجعول، وفرض أخذ العلم بالجعل في موضوع المجعول، فإنّه لا يكون محالاً؛ لأنّه يرجع الى أخذ العلم بشيء في موضوع شيء آخر، وكذلك الأمر في أخذ عدم العلم بالجعل في موضوع المجعول.

الثاني: أنّه يلزم من ذلك عدم قابلية الخطاب النفسي الاستقلالي للتنجّز؛ لأنّه ما لم يعلم به تجري قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، وإذا علم به ارتفع التكليف ولو بمعنى ارتفاع موضوع مجعوله، وجعل خطاب لا يقبل التنجّز لغو.

وهذا الإشكال بهذا المقدار يمكن الجواب عنه بأنّ عدم الوصول وعدم العلم ليس مساوقاً للتأمين؛ لأنّ عدم وصوله من تبعات ترك الفحص، فلا تجري الاُصول المؤمّنة ويكون منجّزاً للزوم الفحص.

الثالث: أن يجري تعديل على صيغة الإشكال الثاني بأن يقال: إنّ التكليف وإن كان قابلاً للتنجيز، لكنّه لا يقبل المحرّكيّة؛ إذ ظاهر عبائر الفقهاء أنّ عدم العلم المأخوذ في موضوع هذا الخطاب ليس هو ما يناسب الشكّ والتردّد الفعلي بأن يصحّ التمام من الجاهل الشاكّ في الحكم، وإنّما هو عدم العلم المساوق للغفلة وإن كانت مستندة الى تقصيره في ترك الفحص، والخطاب في فرض الجهل المساوق للغفلة لا يقبل المحرّكيّة. وهذا الإشكال يدور مدار تحقيق هذه النكتة فقهياً وهي: أنّ موضوع الحكم هل هو عدم العلم المساوق للغفلة، أو عدم العلم بالمعنى المناسب مع التردّد والشكّ؟

الرابع: أنّه يرد عليه إشكال تعدّد العقاب الذي أورده هو على المحقّق الخراساني (رحمه الله)، وإشكاله لم يكن وارداً على المحقّق الخراساني (قدس سره)؛ لأنّه لم يزد على الملاك المتّفق عليه شيئاً وإنّما حلّل وجزّأ ذاك المتّفق عليه الى مرتبتين، وأمّا المحقّق النائيني(رحمه الله) فقد زاد على الملاك المتّفق عليه وهو الملاك الموجود في


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 487.