المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

484

ذلك تصويران:

التصوير الأوّل: أن يقال: إنّ حقّ المولويّة أمر بسيط غير قابل للشدّة والضعف أبداً، فحقّ المولى في أيّ حكم من أحكامه يساوي حقّه في أي حكم آخر، وعليه فملاك تعدّد العقاب إنّما هو ملاك كمّي وهو: أن يوجد هنا حكمان ويخالف العبد كلا الحكمين.

التصوير الثاني: أن يقال: إنّ حقّ المولويّة يشتدّ ويضعف تبعاً لشدّة غرض المولى وضعفه، فعقاب إراقة دم الحسين عليه الصلاة والسلام لا يكون مساوياً لعقاب إراقة دم كافر ذمّي، وعليه فالملاك الكيفي ـ أيضاً ـ يؤثّر في كثرة العقاب أو شدّة استحقاقه الى صفّ الملاك الكمّي.

وهذا التصوير الثاني هو الصحيح، وعليه يظهر أنّ فرضيّة المحقّق الخراساني لا توجب زيادة في استحقاق العقاب عمّا إذا انكرت تلك الفرضية؛ وذلك لأنّه لم يَفرض هو غرضاً جديداً وزائداً على الغرض الموجود في صلاة القصر، وإنّما حلّل الغرض الموجود في صلاة القصر الى جزءين، ففرض أحدهما في الجامع والآخر في الخصوصيّة، وهذا لا يؤثّر في الحساب شيئاً بعد أخذ الملاك الكيفي بعين الاعتبار الى جانب الملاك الكمّي.

نعم، لو أخذنا بالتصوير الأوّل لأمكن أن يقال: إنّ هذه الفرضيّة جعلت المعصية من حيث الكمّ متعدّدة، فأوجبت تعدّد العقاب. لكن مع ذلك نقول: إنّ هذا لا يوجب إشكالاً على المحقّق الخراساني (رحمه الله)؛ لأنّه إن اُريد استبعاد تعدّد العقاب في نفسه فهذا جزاف، وإن اُريد استبعاد كون عقاب الجاهل التارك للصلاة رأساً أكثر من عقاب الجاهل الذي صلّى تماماً، فلا معنى لهذا الاستبعاد، بل من المناسب أن يكون عقاب التارك للصلاة رأساً أكثر، وإن اُريد استبعاد كون عقاب الجاهل التارك أكثر من عقاب العالم التارك، فلَمْ يَلْزَمْ هنا كون عقابه أكثر منه؛ لأنّ الملاك الكمّي الموجود لتعدّد العقاب وهو تعدّد الحقّ بتعدّد الغرض ومتعلّقِه موجود حتّى في حال العلم، إلّا أن يفرض أنّه يشترط في الملاك الكمّي إمكان تعدّد التحريك، وهذا في العالم غير موجود؛ لأنّه لا يصحّ منه التمام، لكن من يفرض مثل هذا الفرض لا معنى لاستبعاده لأكثريّة عقاب الجاهل من عقاب العالم، وفي الحقيقة تكشف هذه النتيجة عن بطلان أحد تلك المباني، لا عن بطلان كلام المحقّق الخراساني (رحمه الله).