المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

475

المتزاحم، فإنّه تارة يفرض الشكّ في الحكم الإلزامي مثلاً من ناحية احتمال كذب خبر الثقة، فهنا يقع التزاحم بلحاظ هذا الاحتمال بين ملاك الإلزام وملاك الترخيص، ونفرض أنّ المولى قدّم ملاك الإلزام بجعل حجيّة خبر الثقة. واُخرى يفرض الشكّ في الحكم الإلزامي بعد الفراغ عن حجيّة خبر الثقة مثلاً من ناحية اُخرى، وهي الشكّ في أصل وجود خبر الثقة، فهذا شكّ جديد وتزاحم جديد في وعاء جديد يحتاج الى حكم جديد، فيحكم بوجوب الاحتياط والفحص مثلاً أو بالبراءة، وقد يكون الحكم الظاهري في المرحلة الثانية مخالفاً له في المرحلة الاُولى، حيث إنّ الغرض الإلزامي بلحاظ الاحتمال الأوّل مثلاً كان يهتمّ به المولى، ولكنّه بلحاظ الاحتمال الثاني للخلاف لا يهتمّ به المولى، كما قد يكون الحكمان في المرحلتين متماثلين.

وعلى أيّ حال، فالأحكام الظاهريّة كلّها تنجّز الواقع ابتداءً؛ لكونها جميعاً ناظرة الى حفظ ملاكات الواقع والترجيح بينها عند التزاحم من دون طوليّة بين ملاكاتها، فوجوب الاحتياط والفحص في المقام نجّز ابتداءً الواقع بدون توسيط الأمارة، فالعقاب ثابت على الواقع مطلقاً.

وقد تحصّل من تمام ما ذكرناه: أنّ العقاب على مخالفة الواقع قبل الفحص ثابت سواءٌ كانت هناك أمارة على طبقه في معرض الوصول أو لا.

بعض التطبيقات لوجوب الفحص

التنبيه الخامس: أنّ ما ذكرناه من تنجّز الواقع قبل الفحص قد يطرأ عليه الخفاء في بعض الموارد:

المورد الأوّل: ما إذا كان المكلّف غافلاً رأساً في مورد من الموارد عن احتمال وجود التكليف فيه وإن كان ملتفتاً إجمالاً الى وجود أحكام إلزاميّة مربوطة به أو الى احتمال ذلك، فقد يتوهّم أنّه هنا لا معنى لتنجّز الواقع؛ لأنّ التنجّز فرع الوصول ولو بأدنى مراتب الوصول من الشكّ والاحتمال، وأمّا مع عدم الوصول حتّى بهذه الدرجة فلا معنى للتنجّز.

والتحقيق: أنّه إن تكلّمنا بلحاظ عالم الثبوت فمن الممكن عقلاً تنجّز الواقع على العبد في مثل هذا الفرض، فإنّه يكفي في تعقّل التنجّز عليه واستحقاقه للعقاب على الترك ذلك الالتفات الإجمالي.

وإن تكلّمنا بلحاظ عالم الإثبات فجميع أدلّة التنجيز الماضية ثابتة هنا، فلو