المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

473

على القول بكون التجرّي موجباً لاستحقاق العقاب، وأمّا بناءً على ما هو مختار المحقّق النائيني (قدس سره) من إنكار استحقاق المتجرّي للعقاب، فلا يوجد هنا عقاب أصلاً.

وأمّا على الفرض الثاني، فإن أنكرنا قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) كبرويّاً كما هو الصحيح، فمرجع ذلك الى الاعتراف بثبوت مولويّة المولى وحقّ الطاعة له حتّى في ظرف الشكّ، وهذا مساوق لثبوت حقّ العقاب للمولى عند مخالفة حكمه حتّى في ظرف الشكّ ما لم يأذن هو في المخالفة، وعليه فيثبت العقاب على الواقع وإن لم تكن أمارة على طبقه.

وإن آمنّا بالقاعدة كبرويّاً وأنكرنا صغراها في المقام بأن قلنا: إنّ البيان هنا ثابت. فإن اُريد بالبيان هنا نفس الشكّ قبل الفحص، فالعقاب ـ أيضاً ـ ثابت على الواقع مطلقاً؛ إذ مرجع ذلك الى أنّ حقّ المولويّة ـ وبالتالي حقّ العقاب عند المخالفة ـ يثبت بمجرّد ثبوت الاحتمال قبل الفحص. وإن اُريد به الأمارة التي هي في معرض الوصول ـ ومرجع ذلك الى أنّ عدم التمسّك قبل الفحص بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان) ليس من باب الجزم بخروج المورد عن تحت تلك القاعدة، بل من باب كون المورد شبهة مصداقيّة للقاعدة ـ فالعقاب على الواقع ـ عندئذ ـ إنّما يكون لو وجدت الأمارة التي هي في معرض الوصول واقعاً، وإلّا فلا عقاب على الواقع؛ لثبوت قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) واقعاً.

وأمّا عقاب التجرّي فهو ـ أيضاً ـ غير ثابت هنا لو أردنا بذلك عقاب التجرّي بالملاك الذي مضى منّا في بحث التجرّي، توضيح ذلك: أنّه مضى منّا في مبحث التجرّي أنّ عقاب التجرّي يكون بنفس ملاك عقاب المعصية، وذلك الملاك هو: عبارة عن مخالفة التكليف المنكشف بانكشاف منجِّز سواء كان ذلك التكليف ثابتاً في الواقع أو لا؛ لأنّ حقّ المولويّة عبارة عن عدم مخالفة ما انكشف من تكليف له ولو لم يكن ذلك التكليف موجوداً وكان الانكشاف خطأً، ونقول هنا: إنّ عقاب التجرّي بهذا النحو الذي عرفت غير ثابت هنا؛ إذ المفروض عدم ثبوت حقّ المولويّة عند عدم البيان، والبيان لم يكن ثابتاً في الواقع، فلم يكن للمولى حقّ الطاعة، فلا يكون له حقّ العقاب عند المخالفة.

نعم، المعترف بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان) المدّعي كون البيان عبارة عن الأمارة التي هي في معرض الوصول والمفروض عدمها في المقام يكون في فسحة من ناحية دعوى ملاك آخر لعقاب التجرّي في المقام، فقد يدّعي ثبوت عقاب