المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

472

أقول: يمكن قلب المطلب تماماً بأن يدّعى أنّه إن كان الوجه في تنجيز الواقع هو العلم الإجمالي فالعقاب على الواقع إنّما يكون لو كانت هناك أمارة على طبقه، بدعوى: أنّ العلم الكبير منحلّ بالعلم الصغير في دائرة الأمارات. وإن كان الوجه في ذلك هو دليل الفحص ولزوم الاحتياط شرعاً فالعقاب على الواقع ثابت مطلقاً؛ لأنّ دليل الفحص ثابت سواءٌ كانت هناك أمارة في الواقع أم لا، وهذا على عكس ما أفاده المحقّق النائيني (قدس سره).

وتوضيح حقيقة الحال في المقام هو: أنّ تنجيز الواقع تارة يفرض كونه عن طريق العلم الإجمالي، واُخرى يفرض ثابتاً في نفسه من ناحية إنكار قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) في المقام وإن فرض الشكّ بدويّاً، وثالثة يفرض من ناحية الحكم الطريقي الشرعي بوجوب الاحتياط والفحص:

أمّا على الفرض الأوّل فبناءً على مبنى المحقّق النائيني(قدس سره) يتعيّن إنكار العقاب على الواقع لو لم تكن أمارة على طبقه؛ وذلك لأنّ المفروض عنده أنّ العلم الإجمالي الكبير المتعلّق بالواقع قد انحلّ بالعلم الإجمالي الصغير المتعلّق بالواقع في دائرة الأمارات، وعليه فنقول: إنّ احتمال ثبوت الواقع في نفس الشخص التارك للفحص يكون بوجهين:

الأوّل: احتمال ثبوت ذات الواقع.

والثاني: احتمال ثبوت الواقع الذي دلّت عليه أمارة.

أمّا الاحتمال الأوّل فالمفروض عدم منجّزيّته؛ لانحلال العلم الإجمالي الكبير المتعلّق بذات الواقع بالعلم الإجمالي الصغير(1).

وأمّا الاحتمال الثاني فالمفروض عدم مطابقته للواقع، إذن فلا معنى للعقاب على الواقع. نعم، لا بأس بالقول بالعقاب بملاك التجرّي، لا العقاب على الواقع بناءً


(1) لا يخفى أنّ الانحلال إنّما يكون بعد الفحص والظفر بموارد الأمارات، أمّا قبله فالعلم الصغير لا يحلّ الكبير؛ لأنّ أطرافه منتشرة في كل أطراف الكبير، وبكلمة اُخرى: ليس أحد العلمين قبل الفحص أصغر من الآخر، وإنّما الفرق في المعلوم، فالمعلوم في العلم الثاني هو التكاليف الموجودة ضمن الأمارات، وفي العلم الأوّل هو ذات التكاليف، وإن شئت فعبّر عنهما بعلم واحد محدّد بحدّين: حدّ التكاليف الإلزاميّة، وحدّ دلالة الأمارات عليها وهو بحدّه الأوّل منجّز ولا يكون بحدّه الثاني منجّزاً إلّا بعد تسليم حجيّة أخبار الثقاة، ومن الواضح منجزيّة العلم في المقام حتّى على فرض إنكار حجيّة تلك الأخبار.