المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

461

المتعارفة والصحيفة في المثال الذي افترضناه، وهو أنّ المفروض في هذا المثال إنّما هو استقرار عادة نفس الحكومة على وضع قوانينها في تلك الصحيفة، وأمّا في المقام فليس عادة وضع الأخبار في الوسائل والكتب الأربعة ونحوها عادة للمولى في مقام تبليغ الأحكام، وإنّما بيّن المولى في توضيح كيفية تبليغه للأحكام أنّ خبر الثقة جعلته حجّة عليكم، وإنّما هذه العادة عادة مربوطة بتآليف المؤلّفين والرواة والعلماء، ولم يذكر الشارع في يوم من الأيام أنّه إذا أردتم الاطلاع على القوانين فارجعوا إلى كتاب الكافي والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وإنّما قال: «لا ينبغي التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا». إذن فلابدّ من الفحص عن كل خبر ثقة ولو فرض وجوده في كتاب لغة أو تأريخ مثلاً؛ لأنّ المقام الذي يكون في معرض أن يصل إليه خطاب المولى لا يكون محدّداً بخصوص كتاب الوسائل ونحوه، وإنّما يكون منتشراً في تمام ما يصلنا ممّا يمكن أن يكتب فيه كلام النبي (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام)، فمن الناحية السنديّة لا بدّ من الفحص حتّى يحصل الاطمئنان بالعدم.

نعم، على الأغلب يحصل الاطمئنان بالعدم بمجرّد عدم وجدان رواية في الكتب المعدّة من قبل علمائنا لذلك؛ لأنّ احتمال الغفلة فيهم مع تمام حرصهم على الاستيعاب وتتابع أعمالهم جيلاً بعد جيل بعيد جداً.

وأمّا لو فرض في مورد أنّه لم يكن هناك اطمئنان بالعدم لنكتة، كما لو فرض أنّنا رأينا فقيهاً يفتي على خلاف ذلك مدّعياً وجود رواية في كتاب لغة، فعندئذ لا يجوز لنا أ ن نغمض عيننا عن ذلك الكتاب ولا نراجعه.

والغالب حصول الاطمئنان بالعدم مع مراجعة الأبواب المعدّة للمسألة فضلاً عن مراجعة تمام الكتاب.

وقد نبّه المحقّق النائيني(رحمه الله)(1) الى نكتة مفيدة في المقام: وهي أنّ كتاب الوسائل مرتّب حسب ترتيب كتاب الشرائع، فرواياته مطابقة لتفريعات المحقّق (قدس سره)في الشرائع، وعلى هذا فالفرع الموجود في الشرائع يتعرّض له في الوسائل لو كانت هناك رواية في ذلك، فلو لم تكن هناك رواية فيه في بابه المناسب يحصل الاطمئنان بعدم وجود رواية فيه، وأمّا الفرع الذي لا يوجد في الشرائع فعدم وجود رواية فيه في بابه المناسب أحياناً قد لا يوجب الاطمئنان بالعدم.


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 341.