المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

456


المشرّع أن يجعل تشريعاته فيها، فقد يتعب الإنسان عن تكميل الفحص أو قد يصعب عليه الفحص الكامل لبُعد بعض المصادر عنه فيترك تكميل الفحص لهذا السبب من دون أن يصدق عليه عنوان التهرّب.

النكتة الثانية: أنّ الأحكام الظاهريّة إنّما جعلت للتوفيق بين الأغراض الإلزاميّة، وأغراض التسهيل لدى التزاحم في حال الحفظ، فإذا كان الفحص في غاية السهولة كمجرّد فتح العين، فلا موجوب في نظر العرف لجعل الترخيص؛ لأنّه لا يُرى عرفاً تزاحم بين الغرضين؛ لعدم وجود أيّة صعوبة إطلاقاً في الفحص بمقدار فتح العين.

نعم التزاحم الدقّي العقلي موجود، ولذا يمكن جعل التسهيل من قبل الشارع، كما عرفنا ذلك بالنصّ في باب الطهارة والنجاسة، ولكنّ هذا ما يكون بحاجة الى النصّ، ولا تكفيه الإطلاقات؛ لأنّ العرف يراها منصرفة عن ذلك؛ لأنّ هذا التسهيل ليس تسهيلاً في نظر العرف أي: أنّ إيجاب الفحص بمجرّد فتح العين لا يحسّ فيه بصعوبة أكثر من أصل صعوبة الواقع الذي يبتلي به.

النكتة الثالثة: أنّ تعوّد المشرّع على وضع أوامره، وإلزاماته، وقوانينه في قناة معيّنة كصحيفة معيّنة، أو البرامج الإذاعيّة، أو الأخبار والروايات قرينة في نظر العرف حسب عادة الموالي العرفيين على أنّه يريد من أتباعه مراجعة تلك القنوات والفحص الكامل فيها الى أن يحصل على الشيء المطلوب.

هذه هي النكات الثلاث العقلائيّة للفحص، وإذا أضفناها الى ما مضى منّا من عدم حجّيّة الأمارات غير الواصلة وصولاً فعليّاً نستطيع أن نستنبط منها مقاييس الفحص في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة كالتالي:

أوّلاً: في الشبهات الحكميّة في مقابل الأصل المرخّص لا بدّ من الفحص الكامل نتيجة للنكتة الثالثة.

ثانياً: في الشبهات الحكميّة في مقابل الأمارة المرخّصة لا بدّ لنا ـ أيضاً ـ من الفحص الكامل عن المخصّص، والمقيّد، والحاكم نتيجة للنكتة الثالثة بعد فرض تعوّد الشارع على الإتيان بالمقيّدات، والمخصّصات ونحوها منفصلة، وجعلها في نفس تلك القناة، وهي قناة الأخبار والنصوص الواردة.

ثالثاً: في الشبهات الحكميّة في مقابل الأمارة المرخّصة لا بدّ لنا ـ أيضاً ـ من الفحص الكامل عن المعارض للنكتة الثالثة بعد فرض أنّه كان من المتعارف إبتلاء تلك القناة بتواجد المتعارضات فيها، إمّا بفعل نفس الشارع بالنطق بالمتعارضات مع إرادة خلاف الظاهر من بعضها، أو بفعل الناس الذين لعبوا بتلك القناة، وأدخلوا فيها عن عمد أحياناً وعن غفلة أحياناً